خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة العيد الستين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني وأخواتي الأعزاء،
الله يعطيكم العافية وكل عام وأنتم والوطن بألف خير.
هذا اليوم يوم مبارك وعزيز على قلب كل أردني وأردنية من أبناء وأحفاد الرعيل الأول الذين قدموا التضحيات الكبيرة من أجل استقلال الوطن وتحرير إرادة الإنسان الأردني.
وفي هذا اليوم من حقـنا، ومن واجبـنا أن نذكر بالفخر و الإعتزاز الآباء والأجداد من الرعيل الأول والمؤسسين والرواد منذ الجد المؤسس وحتى اليوم الذين ساهموا في بناء هذا الوطن بالرغم من كل التحديات والظروف الصعبة التي عاشها طيلة الستين سـنة الماضية، وبالرغم من قلة الموارد والإمكانيات، ومن المآسي والحروب التي مرت على هذه المنطقة، استطاع النشامى والنشميات من أبناء هذه الأسرة الأردنية الواحدة بقيادة الملك الباني الحسين رحمه الله، أن يحققوا أعظم الإنجازات، والتي ما كان يمكن تحقيقها وإنجازها إلا بالإرادة والعزيمة، والانتماء والثقة بالمستقبل وبقدرة الإنسان الأردني على العطاء والإنجاز.
وفي هذه المناسبة العزيزة والغالية، أتوجه بالتهنئة والمباركة وبتحية الاعتزاز والتقدير لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد، في البادية، والقرى والمخيمات والمدن، والتـحية الخاصة للنشامى والنشميات أبناء القوات المسلحة، والأجهزة الأمنية الذين نذروا دماءهم وأرواحـهم للدفاع عن هذا الوطن وحماية استقلاله ومسيرته وإنجازاته.
والاستقلال يا إخوان ليس مجرد مناسبة نحتفل فيها في يوم من السـنة، وإنما هو حالة مستمرة من العطاء والبناء والاعتماد على الذات، لتعزيز الاستقلال وبناء المستقبل الذي يليق بأهل العزم والإرادة من الأردنيين الأحرار.
وهذا المستقبل ليس مسؤولية شخص أو مجموعة من أبناء هذا الوطن، وإنما مسؤولية الجميع، كل واحد من الموقع الذي هو فيه، العامل والمزارع والموظف والطالب والجـندي والأم التي تربي أطفالها على الانتماء ومحبة هذا الوطن.
والمسؤولـية الكبرى هي مسؤوليـة الشباب لأنهم، الأقدر على التغيير والأقدر على تحقيق الإنجاز. وبالمقابل الشباب لهم حق علينا، حق في التعليم والتدريب والتأهيل حتى يتمكنوا من مواجهة كل التحديات وبناء المستقبل الذي نريد والذي هو أمانة في أعناق الشباب.
الإخوة والأخوات الأعزاء،
كل واحد منا يعرف ويعتز بأن هذا الوطن نشأ وتأسس على رسالة الثورة العربية التي قادها الشريف الحسين بن علي لتحرير الأمة وتوحيدها، ولذلك سـيظل الأردن بعون الله، الأردن العربي المسلم، المنتمي لأمته العربية والإسلامية، والحريص على النهوض بواجبه القومي والديني تجاه كل القضايا العربية والإسلامية ولن نقبل تحت أي ظرف من الظروف أن تكون علاقتـنا بأي بلـد أو جهة، على حساب علاقتنا بأمتـنا العربية أو الإسلامـية، وانتساب هذا الوطن إلى الثورة العربية، وانتساب قيادته إلى الدوحة النـبوية الشريفة يفرض علينا أن نكون أول من يـتصدى للدفـاع عـن الإسلام والعـرب والمسلمين.
ونحن عندما نقول الأردن أولا، فالمقصود هو أن نبدأ باستكمال بناء الأردن القوي الـمنـيع حتى يكون قادرا على تقديم الدعم والمساعدة للأشقاء العرب سواء في فلسطين أو في العراق أو في أي بلد عربي آخر، وليس التخلي عن واجبنا تجاه أمتـنا أو قضاياها العادلة،كما يظن قصار النظر، وقد كان الأردن وسيبقى موئلا لكل العرب الأحرار لذلك فالأردن أولا والأردن دائما والأردن في كل الظروف والأحوال.
والركيزة الأساسية في قوة الأردن هي الحفاظ على الوحدة الوطنية والتكامل والتماسك بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة وتحقيق التنمية الشاملة التي تعزز قوة الأردن وتمكنه من تقديم الدعم والإسناد للأشقاء العرب والقضايا العربـية وفي مقدمـتها القضـية الفلسطينية وقضية الشعب العراقي.
والأردن يا إخوان لا يمكن أن ينسى وحدة الدم والهدف والمصير مع الأشقاء الفلسطينيين، ولا يمكن أن ننسى دماء شهدائنا على أسوار القدس وفي باحة المسجد الأقصى الشريف، ولن نتخلى في أي يوم من الأيام ولا تحت أي ظرف من الظروف عن تقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للأشقاء الفلسطينيين، حتى يصلوا إلى حقوقهم وتقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض الفلسطينية.
الإخوة الأعزاء،
منذ اليوم الأول الذي تشرفت فيه بأمانة المسؤولية، وأنا أشعر وأقدر معاناة وهموم كل مواطن ومواطنة في هذا البلد، وأعرف أن سبب هذه المعاناة هو الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء الأسعار وغيرها من المشاكل التي يجب أن نتغلب عليها وبأسرع وقت ممكن، ومثلما ترون، فإننا نعمل بالليل وبالنهار، ونسافر من بلد إلى آخر، حتى نستقيد من علاقاتنا بالعالم من حولنا وتوظيف هذه العلاقات لخدمة بلدنا. كما إنني أتابع شخصيا كل الأمور حتى نتمكن من التغلب على هذه المشاكل ونرفع مستوى معيشة المواطن.
والحمد لله أنجزنا الكثير خلال السبع سنوات الماضية سواء على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو على صعيد التنمية السياسية وتعزيز مسيرتنا الديمقراطية، لكن بصراحة الطريق أمامنا ما زال طويلا، ويجب أن نعمل كلنا بروح الفريق الواحد المنتمي للوطن والواثق بنفسه وبالمستقبل المشرق بإذن الله.
ونريد أن نعـتمد على أنفسنا يا إخـوان، وإذا لم نساعد بعضنا، ونكون يدا واحدة وقلـباً واحداً وهدفاً واحداً، لن يساعدنا أحد ولن نستطيع أن نتغلب على مشاكلنا، لذلك يا إخوان الأمر يحتاج إلى الصبر والتضحية، وصبرنا على حالنا أهون وأكرم من صبر الناس علينا، ولسنا بحاجة إلى جميلة أحد.
أما الإشاعات والتشكيك بسلامة المسيرة وبقدرة هذا الوطن على مواجهة التحديات والظروف الدولية والإقليمية من حولنا، فهذا كلام الذين لا يحبون هذا الوطن ولا يريدون له الخير، وهذا الأردن يا أخوان أقوى من كل التـحديات وأقوى من كل الظروف وبهمتكم وبعزيمتكم سيظل الأردن أولا، والأردن دائما الـمثل والنموذج.
واسمحوا لي بهذه المناسبة أن أقدم لإخواني وأخواتي العاملين في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والموظفين المدنيين والمتقاعدين عيديه بسيطة بهذه المناسبة.
ومرة ثانية يا إخوان تحية الاعتزاز والتقدير لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد وكل عام وأنتم بخير والأردن العزيز الغالي بألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته