رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء علي أبو الراغب حول تطوير الجامعات الأردنية
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ علي أبو الراغب حفظه الله
رئيس الوزراء الأكرم
أبعث إليك بأطيب التحيات وصادق التمنيات وأنت موضع الثقة والتقدير وبعد،
فيسرني أن أعرب لكم عن عميق الشكر والتقدير لجهودكم المخلصة وعطائكم الموصول من أجل النهوض بالوطن العزيز ورفع مستوى التعليم فيه، من خلال البرامج والخطوات التي اتخذتها الحكومة لإحداث نقلة نوعية تتواءم مع مستجدات العصر وتحديات التكنولوجيا الحديثة.
وقد اطلعت على مشروع تطويري رائد، لتبني المنهجيات الحديثة في تقييم أداء برامج التدريس في الجامعات الأردنية وتطويره، أعده صندوق الحسين للتفوق والإبداع، ويقترح تنفيذه خلال عام واحد، بتمويل كامل منه، وبالتعاون مع مجلس التعليم العالي والجامعات الأردنية، الرسمية منها والخاصة، الذي نود أن يأخذ طريقه للتنفيذ خلال المدة الزمنية المقررة.
وكما يتضح من المذكرة المرفقة، المقدمة من محافظ البنك المركزي رئيس هيئة مديري الصندوق، فإن الهدف المحدد والمباشر للمشروع هو إجراء تقييم نموذجي مقارن للأداء النوعي لبرامج التدريس الجامعية الأردنية في عدد محدود من التخصصات (تكنولوجيا المعلومات وإدارة الأعمال)، بقصد التعرف على مجالات القوة والضعف ومتطلبات التطوير في كل منها، وسيتم التقييم بالتعاون الوثيق مع المؤسسة البريطانية لضمان الجودة في التعليم العالي باستخدام المنهجيات والإجراءات الحديثة والمعايير والشروط المدروسة والمحايدة المعمول بها في بريطانيا.
وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع، قيام الأقسام الأكاديمية ذات التخصصات المعنية بإجراء تقييم ذاتي كامل لبرامجها، بالرجوع إلى أساليب ومعايير مشتركة، يتم مناقشتها والتدرب عليها واعتمادها من قبل ممثلين عن الأقسام المعنية. وفي المرحلة الثانية من المشروع يقوم فريق من خبراء المؤسسة البريطانية، بدعوة من الصندوق، بالاطلاع على تقارير التقييم الذاتي، وزيارة الأقسام المشاركة وتقييم أداء برامجها، بالرجوع إلى نفس المعايير المشتركة المعتمدة في التقييم الذاتي، ثم تقديم تقرير وتوصيات نهائية مفصلة للصندوق، حول كل منها.
ويبدو لنا، بعد الاطلاع على المذكرة المقدمة، أن بإمكان هذا المشروع، إذا أُحسن تنفيذه، أن يكون نموذجا لعمليات تطوير وإصلاح حقيقية لبرامج التدريس والأبحاث في الجامعات الأردنية، بهدف تمكينها من التطوير والإصلاح الذاتي لبرامجها، وتحفيزها على العمل المستمر لإثبات وجودها النوعي والتنافسي على الصعيد المحلي والعربي والدولي.
ويمكن لمجلس التعليم العالي، بعد دراسة وتقييم النتائج النهائية لهذا المشروع، العمل على تطوير التجربة وتعميمها، من خلال تأسيس وحدة مستقلة عن المجلس والجامعات، تتولى وضع وتطوير معايير مشتركة شفافة ومحايدة لعمليات التقييم الذاتي والخارجي، وتوفير إمكانيات التقييم والمراجعة الدورية للبرامج الجامعية في التخصصات المختلفة، ووضع نتائج هذا التقييم في متناول قطاعات المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية.
ويشير المشروع إلى رغبة الصندوق في تأسيس جائزة جديدة وتقديمها للبرنامج الذي يتبين من نتائج التقييم أنه الأكثر تميزا والأحسن أداء. حيث تشكل هذه الخطوة حافزا للتنافس والإصلاح والتطوير داخل هذه المؤسسات من جهة، ولتمكين المجتمع من مكافأة التميز والإبداع بصورة حقيقية ومجدية من جهة أخرى.
وعلى ضوء ذلك كله، فإننا نوجه دولتكم بصفتكم رئيسا لمجلس التعليم العالي لدعوة الجامعات الرسمية والخاصة كافة وحثها على المشاركة في المشروع، لتنفيذه في المواعيد المحددة له، بما يعود بالنعم والفائدة على الجامعات ومسيرة التعليم العالي في أردننا الغالي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله الثاني ابن الحسين