الملك والرئيس الأمريكي يعقدان لقاء قمة في البيت الأبيض
عقد جلالة الملك عبدالله الثاني، في البيت الأبيض اليوم الأربعاء، لقاء قمة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ركز على الأزمات التي تشهدها المنطقة، وجهود تحقيق السلام، ومحاربة التطرف والإرهاب.
القمة التي سبقها لقاء جمع جلالة الملك وجلالة الملكة رانيا العبدالله مع الرئيس الأمريكي والسيدة الأولى ميلانيا ترمب في المكتب البيضاوي، تناولت علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وذلك في إطار الدور المحوري المهم الذي تقوم به المملكة في المنطقة.
وتبع لقاء القمة الذي عقده الزعيمان، مؤتمر صحفي مشترك لجلالة الملك والرئيس الأمريكي، بحضور جلالة الملكة والسيدة الأولى.
وأعرب جلالته، خلال المؤتمر الصحفي، عن سعادته بلقاء الرئيس ترمب، وعن تقديره للعلاقات الوثيقة التي تجمع الأردن والولايات المتحدة، وقال جلالته" فخامة الرئيس، أشكرك على هذا الاستقبال الحار في البيت الأبيض. وأتذكر بكل إعجاب اللقاءات التي جمعتنا لعدة سنوات خلت، ولقاءنا الأخير منذ عدة أشهر.
ولطالما كنت مضيافا كريما واستقبلتنا بكرم، إنني سعيد جدا للمسار الذي اتخذته نقاشاتنا اليوم، إنني سعيد جدا لوجودي هنا اليوم في هذه الترتيبات الرائعة واليوم الجميل، وهما يبشران بالإيجابية التي سنمضي بها إلى المستقبل.
أجرينا جولة جيدة من المحادثات اليوم، وأتطلع قدماً لاستكمالها معكم في لقاءاتنا بعد هذا المؤتمر الصحفي. وما أود قوله هنا إننا نقدر عاليا أهمية العلاقات الوثيقة التي تجمعنا مع الولايات المتحدة ومعكم فخامة الرئيس ومع الشعب الأمريكي.
إنها شراكة استراتيجية عزيزة على قلوبنا، وهي تجمعنا على عدة مستويات، والتي سنستمر في تطويرها في ضوء النقاشات الصريحة التي أجريناها بهدف مواجهة التحديات المستقبلية.
إنني سعيد جدا برؤيتكم ونهجكم الشمولي إزاء جميع التحديات في منطقتنا، وعزم فريقكم على ترجمة سياساتكم بنجاح إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع، إذ نمضي قدما.
فالتحديات التي نواجهها اليوم متعددة، وليست محصورة بمنطقة (الشرق الأوسط)، كما ذكرت للتو، بل هي تحديات عالمية، خاصة تلك التي تهدد الأمن العالمي.
إن الإرهاب لا يعرف حدودا، أو جنسية أو دينا، لذلك فإن العمل المشترك ضمن استراتيجية شمولية، كما ذكرت فخامة الرئيس، يعد بغاية الأهمية. إنني سعيد جدا بأنه لديكم الرؤية للمضي قدما في هذا الاتجاه، وأعتقد أن العالم بأسره سيكون أفضل حالا عندما نتغلب على هذه التحديات.
لا شك أنه في ظل التحديات التي نواجهها في العالم، فإن دور الولايات المتحدة محوري إزاء جميع القضايا التي نواجهها في العالم. ولكن هذا لا يعني أن نتوقع من الولايات المتحدة أن تقوم بكل هذه الجهود الكبيرة لوحدها، فعلينا جميعا في المجتمع الدولي أن نسهم في هذه الجهود، وأن نقوم بدعم الولايات المتحدة ومساندتها لترجمة هذه الرؤية في الاتجاه الصحيح، لذلك علينا جميعا في المجتمع الدولي مسؤولية دعم الرئيس والإدارة الأمريكية والشعب الأمريكي لتمكينهم من تحقيق المستقبل الأفضل الذي يعود بالخير علينا جميعا.
ننظر بإيجابية لعزم الرئيس على دعم الدول العربية والإسلامية في حربهم على الإرهاب. هذا الجهد لا يقتصر على محاربة الإرهاب داخل مجتمعاتنا فحسب، فنحن كمجتمعات عربية ومسلمة نقف إلى جانب المجتمع الدولي لهزيمة هذه الآفة.
وبالنسبة لسوريا، نحن بحاجة إلى حل سياسي ينهي الصراع فيها ويحفظ وحدة شعبها وأراضيها.
وكما أشار الرئيس فيما يتعلق بنقاشنا حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو الصراع المركزي في المنطقة، فإن انخراط الرئيس الأمريكي المبكر في جهود التقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين أمر إيجابي ومشجع لنا جميعا.
وأعتقد فخامة الرئيس أن مبادرتكم هذه أتاحت لنا في القمة العربية التي جرت الأسبوع الماضي أن نبعث من خلال مبادرة السلام العربية برسالة سلام إلى إسرائيل. وأتطلع للعمل معا لترجمة ذلك على أرض الواقع.
لقد قامت جميع الدول العربية خلال القمة العربية الأسبوع الماضي، كما ذكرت، بإعادة إطلاق مبادرة السلام العربية، والتي تقدم فرصة تاريخية للمصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إضافة إلى جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. فهي تشكل الإطار الأكثر شمولية للسلام الدائم؛ إذ أنها تكفل قيام دولة فلسطينية، وتضمن أمن إسرائيل وقبولها من جميع الدول العربية وإنشاء علاقات طبيعية معها؛ ويؤمل أن تكون أيضا مع جميع الدول الإسلامية.
ونقدرعاليا التزامكم تجاه هذه القضايا، والتي فشل كثيرون قبلك فيها. وستجدون في الأردن حليفا قويا داعما لسياساتكم. واسمحوا لي فيما يخص حديثكم حول سوريا والهجوم الكيماوي، فإنني أتفق معك أن هذا للأسف يشكل مثالا جديدا على فشل الدبلوماسية الدولية في إيجاد حل لهذه الأزمة، ولكنني أؤمن بأنه وبقيادتكم سنتمكن من حل هذا الوضع المعقد جدا.
فهذه الأزمة استمرت لسبعة أعوام، وقد تحولت إلى حرب بالوكالة بين جهات ذات أجندات مريبة. وفي نهاية المطاف، كما أشرتم فإن المدنيين والنساء والأطفال يدفعون ثمنا باهظا، وهذا يحدث تحت أنظارنا وأنظار المجتمع الدولي، ويتحدى ضميرنا.
أدرك مشاعر التعاطف والرفض التام لهذه الاعتداءات، التي عبرتم عنها فخامة الرئيس، وأنه لن يسمح لمثل هذه الأفعال الوحشية التي تتجاوز مبادئ الإنسانية أينما كانت أن يتم التهاون إزاءها، وإنني أدعم موقفكم هذا، بشكل كامل.
أود أن أشكركم مجددا لنظرتكم الشمولية، فأنتم لا تنظرون إلى التحديات في سوريا، العراق، إسرائيل، فلسطين، ليبيا، والتحديات الأخرى في منطقتنا بمعزل عن بعضها البعض، وأعتقد أن رسالتكم لنا جميعا في المنطقة هي رسالة أمل، وهو ما لمسته في مؤتمرنا الصحفي اليوم. وأشكركم على كل ما بذلتموه حتى الآن وما سوف تبذلونه مستقبلا".
بدوره، رحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بجلالة الملك، مؤكدا الالتزام بالحفاظ على العلاقات القوية بين البلدين وعلى تقوية الدعم الأمريكي المستمر للأردن.
وفيما يلي نص تصريحات الرئيس الأمريكي :
"جلالة الملك، شكراً على وجودك معنا اليوم. نحن نقدر ذلك. هذا هو اجتماعنا الثاني منذ تنصيبي، ولكنه أول اجتماع لنا في البيت الأبيض، مكان ذو أهمية خاصة، أؤكد لكم ذلك، فقد أصبحت أعرفه جيداً، أمضيت فيه العديد من الساعات، إنه مكان مميز حقاً.
إنه لشرف كبير أن أرحب بك اليوم. لكن قبل أن نبدأ، اسمحوا لي أن أتحدث قليلاً عن آخر الأحداث، الهجوم الكيماوي يوم أمس؛ إنه هجوم كيماوي في منتهى الفظاعة في سوريا ضد أبرياء، منهم النساء والأطفال الصغار، وحتى أطفال رضع. إن موتهم إهانة للبشرية. ليس من الممكن التغاضي عن هذه الأعمال الفظيعة التي يقترفها نظام الأسد. إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب حلفائنا حول العالم في شجب هذا الهجوم الفظيع، وغيره من الفظائع.
جلالة الملك، يُضرَب المثل بالأردنيون لكرم ضيافتهم، وسنعمل جاهدين لنكون مضيافين مثلكم. وأنتم أيضاً معروفون، وعليّ أن أذكر ذلك، بقدرات جنودكم القتالية. وأنت محارب عظيم، ونحن نقدر ذلك. شكراً.
تعود العلاقات التاريخية والصداقة الوثيقة بين بلدينا إلى ثلاثة أرباع القرن. وفي تلك الحقبة، واجه الشرق الأوسط العديد من الأزمات وحالات عدم الاستقرار، ولكن ليس منها ما يماثل الأوضاع اليوم.
خلال هذه السنوات، نظرت أمريكا إلى الأردن كشريك قوي وكمدافع عن القيم الحضارية، ومصدرا للاستقرار والأمل. وأنا ملتزم بالحفاظ على علاقتنا القوية وعلى تقوية الدعم الأمريكي المستمر للأردن، وأؤكد لكم أنكم تحظون بدعم كبير في بلادنا.
كما نعرف، يواجه الشرق الأوسط والعالم أحد أكبر المخاطر منذ سنوات عدة. ومنذ بدايات الحملة ضد داعش، كان الأردن حليفاً وشريكاً قوياً، ونحن نشكركم على هذا. لقد قدم الجنود الأردنيون تضحيات هائلة في هذه المعركة ضد أعداء الحضارة، وأود أن أشكرهم جميعاً على شجاعتهم المنقطعة النظير. لقد خسرنا كثيراً منهم ونحن نحييهم.
تجد أمريكا نفسها محظوظة في الملك عبدالله الثاني بوصفه شريكا صاحب فكر عميق ولديه تصميم وعزم. إنه رجل أمضى العديد من السنوات في قيادة القوات الخاصة في بلاده. وأستطيع أن أقول لكم إنه رجل يعلم جيداً ماذا يعني أن يكون المرء جندياً، ويعرف كيف يقاتل.
لقد قاد الملك الدعوة إلى رسم خطة لهزيمة داعش بشكل نهائي، وأنا أدعمك في ذلك، فكلانا نقود المساعي في هذا الشأن، أؤكد لكم ذلك.
هذا ما نتحدث عنه اليوم وهذا ما سنفعله. وستكون المعركة أقصر مما يظنه كثيرون، أؤكد لكم. أننا قطعنا شوطاً كبيراً، كما تناقشنا.
وكما تعلمون، استقبلنا وفداً رفيعاً من مصر ومن العراق، وقالوا إن ما تم إنجازه في الأسابيع الست التي مضت يتخطى ما أنجزته الإدارة السابقة عبر سنوات. وصدقوني، سنستمر على هذا المنوال.
سندمر داعش، وسنحمي قيم الحضارة. ليس لدينا خيار آخر. سنحمي التحضر.
كما ناقشت أنا وجلالة الملك عبدالله الثاني إجراءات لمحاربة قوى الشر. تلك الأفكار الظلامية التي تلهم داعش وجلبت لعالمنا الويلات.
كما نقدر أهمية الدور الحيوي الذي يقوم به الأردن في استضافته للاجئين الذين فروا من الصراع في سوريا. وقد أعلنّا للتو أن الولايات المتحدة ستقدم المزيد من الدعم المالي للأردن للمساعدات الإنسانية التي يقدمها. ستمكن هذه المساعدات دولاً مثل الأردن من استضافة اللاجئين إلى أن يتمكنوا من العودة إلى بلادهم بأمان. يريد اللاجئون أن يعودوا إلى موطنهم. أعلم هذا من العديد من الحالات. يريدون أن يعودوا إلى وطنهم. وهذا هو هدف أية سياسة مسؤولة تجاه اللاجئين.
وأخيراً، وكما تناقشنا، وبهدف دفع عجلة السلام إلى الأمام في الشرق الأوسط، ومن ضمن ذلك السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنني أبذل كل جهدي لتحقيق السلام بينهم، وأعتقد أننا سننجح. أتمنى أن أنجح، أؤكد لكم ذلك. ولطالما دعا جلالة الملك إلى حل. وسيساعدني في ذلك على أعلى المستويات. وسنستشيره بذلك بشكل وثيق في الأيام القادمة.
جلالة الملك، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكرك على شراكتك. تستطيع الولايات المتحدة والأردن في عملهما معاً، تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم بأسره، في الواقع سنحقق ذلك. شكراً جزيلاً على وجودك معنا".
وردا على سؤال حول استضافة الأردن للاجئين السوريين، قال جلالة الملك "أعتقد أن معظم اللاجئين إن لم يكن جميعهم يريدون العودة إلى سوريا، وما نعمل من أجله بالتعاون مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي هو أن نمنح اللاجئين الاستقرار خلال وجودهم في بلدنا، وأن نعطيهم الأدوات، بالتوازي مع عملنا للتوصل إلى حلول للأزمة السورية، لنستطيع أن نؤمن عودتهم بحيث يكون لهم أثر اقتصادي إيجابي على بلدهم".
وأضاف جلالته "مرة أخرى، الرئيس والأوروبيون كانوا داعمين للمجتمعات المستضيفة للاجئين، ويوجد عبء هائل على بلدنا، لكن هناك أيضا تقدير كبير للولايات المتحدة والدول الغربية الذين ساعدونا على التعامل مع هذه العبء".
وردا على سؤال حول كيف ممكن أن تساعد مخرجات القمة العربية الولايات المتحدة في سياستها لدفع المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال جلالته "إن مبادرة السلام العربية جاءت بحل لا لبس فيه يقدم السلام للإسرائيليين، ويجعلهم يشعرون بأنهم مقبولون في المنطقة".
وتابع جلالته قائلا "ومن أجل أن نتمكن من دعم جهود الرئيس لجمع الطرفين معا، أود أن أذكر بأنه منذ البداية كان هناك انخراط من قبل الرئيس ترمب وفريقه مع الفلسطينيين والإسرائيليين، إنه الصراع المركزي في المنطقة، والرئيس يعلم ذلك جيدا، وهو يعمل مع فريقه بهذا الخصوص، ومهمتنا أن نعمل بشكل مكثف، فالعرب مستعدون لعمل ما يستطيعون لجمع الفلسطينيين والإسرائيليين معا".
وردا على سؤال عن سبب تفاؤل جلالة الملك بأن الرئيس ترمب سينجح في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث فشل الكثيرون، قال جلالته "إن ما لاحظته هو الانخراط المبكر للرئيس ترمب وفريقه مع جميع الأطراف في المنطقة، بخصوص التحديات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولقد كان لي الشرف أن التقيت الرئيس وفريقه في شهر كانون الثاني من هذا العام وناقشنا ذلك، والرئيس ترمب يدرك حجم الخلافات والتحديات، وأعتقد أن لديه الشجاعة والتفاني للقيام بذلك".
وأضاف جلالته "تقع علينا جميعا مسؤولية المساعدة في الدفع لنصل الى خط النهاية. وفريق الإدارة الأمريكية كان متواجدا في المنطقة للتشاور مع جميع الشركاء، ومسؤوليتنا أن نجعل الفلسطينيين والإسرائيليين يمضون معا، وأن نسهل عمل الرئيس وندعمه ليتمكن من إزالة العوائق بينهما".
وتابع جلالة الملك قائلا "إن الرئيس ترمب يدرك أنه إذا لم يتم حل المشكلة، فكيف سنتمكن من تحقيق النصر في الحرب العالمية ضد الإرهاب، والتي هي أولويته الأولى، ولذلك هذه هي القضية الرئيسية التي يدركها الرئيس، وأعتقد أنه لديه العزم، وهو يحظى بدعمي الكامل بخصوص ذلك ودعم دول كثيرة في المنطقة".
وفي رده على سؤال عن مستقبل الحرب على الإرهاب بعد الرقة، قال جلالته "لقد شهدنا مكاسب كبيرة على الأرض في الرقة والموصل، وقد أشار الرئيس إلى صعوبة أن نحدد أوقاتا، فمن الصعب التكهن بذلك في ساحة القتال، فهذا الأمر يتطلب المرونة، ولكنني أعتقد أن النصر يتحقق في الميدان، ولذلك فإن الإرهابيين في حركة دائمة في العراق وسوريا ، وعلينا أن نكون متأكدين من أن خططنا تواكب تحركاتهم التي تتعدى حدود منطقتنا وأماكن أخرى".
وأضاف جلالته "بحثت مع الإدارة الأمريكية النهج الشمولي لمحاربة الإرهابيين أينما كانوا، وأعتقد أن التوصل إلى فهم بأن الإرهابيين لا يحترمون الحدود ولا الأديان ولا الشعوب، يتطلب منا أن نحاربهم ضمن نهج شمولي، وهو ما تحدثت عنه مرارا".
وقال جلالته "أنا بغاية السرور أن الرئيس وإدارته يدركون كيف نتعامل مع هذا الخطر على الساحة العالمية، وأعتقد أنكم تشهدون تحركا في الاتجاه الصحيح، لأن هناك رؤية واضحة بهذا الخصوص، ومباحثاتي مع وزير الدفاع ووزير الخارجية الأمريكيين ستمكننا من أن نقرر كيف نتكيف مع واقع المنطقة ضمن رؤية تتوافق مع الدبلوماسية العالمية".
وفي رد الرئيس الأمريكي على سؤال حول الهجوم الكيماوي في سوريا، قال "كان لدى إدارة أوباما فرصة كبيرة لحل هذه الأزمة ولفترة زمنية طويلة، تم تفويتها عندما تم وضع خطوط حمراء وتم تجاوزها، وهو ما أثر سلبيا علينا ليس فقط في سوريا بل في مناطق أخرى من العالم، لأنه كان تهديدا فارغا، وأعتقد أن تلك فترة ليست من اللحظات الجيدة في تاريخ بلدنا، وقد لمست أثر ذلك بكل وضوح".
وأضاف "المسؤولية تقع علي الآن، وسوف أتحمل هذه المسؤولية وأقوم بها بكل اعتزاز. لقد تم إضاعة فرصة مهمة للغاية سابقا. وسوف التقي الرئيس الصيني قريبا في فلوريدا، وستكون هناك مسؤولية أخرى علي تحملها وتتمثل في الموقف من كوريا الشمالية، لدينا مشكلة كبيرة في هذا الشأن، وهناك من يتصرف بشكل خاطئ. ولكن دعيني أقول لك بأن هذه المسؤولية كان يمكن أن تكون أقل وطأة لو تم معالجتها قبل سنين خلت".
واعتبر الرئيس ترمب أن الهجوم الكيماوي "يتجاوز الكثير من الخطوط بالنسبة لي. فعندما يقتل أطفال أبرياء، وأطفال رضع في منتهى البراءة بواسطة غاز مميت، وقد صدم الناس بنوع الغاز المستخدم، فإن هذا الأمر يتجاوز العديد من الخطوط، التي تتجاوز الخطوط الحمراء!".
وتابع "أنظر إلى نفسي كشخص مرن جداً. ولست من النوع الذي يتمسك بأسلوب واحد جامد في ظل ما يستجد من تغيرات. إنني أتقبل التغيير، فالهجوم الذي وقع على الأطفال أمس ترك أثرا كبيرا جدا علي، لقد كان أمرا فظيعا للغاية، لقد شاهدته وتابعته عن كثب وهو حادث في غاية السوء".
وأكد في معرض إجابته "أنه من المحتمل أن يتغير موقفي، بل إنه تغير كثيرا فعلاً إزاء سوريا ونظام الأسد. وإذا نظرت إلى الأسابيع الماضية ستلاحظ بأنه كان هناك عدة هجمات استخدمت الغاز، ولكنك الآن تتحدث عن هجوم على مستوى آخر. وإنني أتمنى لو أنه لم يكن علي التواجد في الشرق الأوسط، أو أن أرى مثل هذه الأزمة. ولكن بمجرد أن اندلعت هذه الأزمة تعاملنا معها بالشكل الخاطئ، وولدت داعش بسبب الفراغ وتوالت الأمور السيئة. وما حدث بالأمس أمر غير مقبول بالنسبة لي".
وقال الرئيس ترمب "لا أحب أن أعلن أين سأتوجه وماذا سأفعل. لقد تابعت الإدارات السابقة وهي تعلن عن مواعيد وتواريخ شن الهجوم. وأنت يا جلالة الملك بكونك رجلا عسكريا، قد تتساءل لماذا يعلنون عن مثل هكذا تفاصيل. وقد تابعت معركة الموصل حيث أعلنت الإدارة السابقة بأنها ستشن هجوما خلال أربعة أشهر، وقلت لنفسي لماذا يعلنون ذلك؟ ومن ثم مر شهر وأعلنت الإدارة مجددا بأنها سوف تشن هجوما خلال ثلاثة أشهر، ومن ثم خلال شهرين، ثم قبل أسبوع واحد، وتساءلت لماذا يعلنون ذلك. وكما تعلمون تبين أن معركة الموصل أصعب من جميع التوقعات، وخسرنا الكثير من الضحايا في تلك المعركة، إنني لا أعلن هنا عن أي إجراءات يمكن أن يتم اتخاذها".
وتابع "أود القول إن العالم يواجه اليوم حالة فوضى، لقد ورثت هذه الفوضى سواء في الشرق الأوسط أم في كوريا الشمالية أم في الولايات المتحدة، فهناك العديد من الأمور السيئة ومنها اتفاقات تجارية سيئة، لقد ورثت هذه الفوضى وسوف نعمل على إصلاحها، سوف نصلحها".
وقال الرئيس ترمب، في معرض رده على سؤال حول إيران، "إن الاتفاق الذي أبرم مع إيران هو أسوء اتفاق شهدته في حياتي، كان الأجدر أن لا يبرم أبدا، وهي اتفاقية بمنظور واحد وليست في مصلحة الولايات المتحدة، وبصراحة فإنها ضد غالبية دول الشرق الأوسط. سأقوم بكل ما يتوجب عليّ القيام به. هناك اتفاق، لكن هناك من يشير إلى أنه لم يأخذ مجراه الصحيح من حيث القنوات والخطوات الضرورية لإعطائه الصفة النهائية، فهو لم يحظ بالتصويت عليه في الكونغرس ولم يحظ بإجراءات التصديق الفعلية، ولذلك يتوجب علي القيام بكل ما أستطيع فعله فيما يخص هذا الاتفاق".
وحول محاربة الإرهاب، قال الرئيس الأمريكي "الولايات المتحدة سوف تعمل مع جميع الأطراف التي من الممكن والمناسب العمل معها للقضاء بشكل نهائي على داعش، وغيرها من الجماعات الإرهابية. فداعش تمثل إحدى هذه الجماعات، وقد تشكلت غيرها، وبصراحة فإن هذه الجماعات منتشرة في كل مكان. وسوف نقوم بكل ما يتوجب علينا القيام به للقضاء على الإرهاب".
وفي رده على سؤال حول الميليشيات الإيرانية المتواجدة في سوريا، قال الرئيس ترمب " سوف نوجه رسالة لهم وسوف ترونها".
وكان جلالة الملك أعرب خلال المباحثات الثنائية والموسعة التي سبقت المؤتمر الصحفي، عن تقدير الأردن للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والعسكرية والتنموية.
المباحثات، التي حضرها كبار المسؤولين في البلدين، تناولت الجهود المستهدفة تحريك عملية السلام، عبر إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.
وأكد جلالته ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس، وعدم المساس به لما سيكون له انعكاسات سلبية على أمن واستقرار المنطقة.
كما جرى بحث تداعيات أزمة اللجوء السوري على المملكة، وما سببته من ضغوطات على اقتصادها ومواردها المحدودة، ما يتطلب حث المجتمع الدولي على الاستمرار في دعم الدول المستضيفة وفي مقدمتها الأردن.
وحضر المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، والسفيرة الأردنية في واشنطن.
كما حضرها عن الجانب الأمريكي نائب الرئيس الأمريكي، ووزير الخارجية، ووزير التجارة، وكبير مساعدي الرئيس الأمريكي رئيس موظفي البيت الأبيض، ومستشار الأمن القومي، وعدد من كبار المسؤولين.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أقام مأدبة غداء على شرف جلالة الملك عبدالله الثاني والوفد المرافق.
ولدى وصول جلالة الملك وجلالة الملكة رانيا العبدالله، البيت الأبيض، كان في استقبالهما الرئيس ترمب والسيدة الأولى ميلانيا ترمب، فيما اصطف حرس الشرف العسكري الأمريكي لتحية جلالتيهما.
ودون جلالتاهما كلمة في سجل كبار الزوار.