مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني مع المحرر التنفيذي في قناة بي بي أس الأميركية جيم لير

٦ آذار ٢٠٠٧

بي بي إس: أهلا بكم يا صاحب الجلالة.

جلالة الملك: شكرا لك.

بي بي إس: هل تعتقدون أن القضية الفلسطينية هي المشكلة الأكثر أهمية في الشرق الأوسط؟

جلالة الملك: إنها القضية المحورية، وأعتقد أن الصعوبة التي تواجهنا عندما نأتي إلى الولايات المتحدة هي أن الكثير من الناس هنا يقولون أنها ليست كذلك، وأن العراق قد يشكل التحدي الأكبر، ولكن كانت القضية الفلسطينية تاريخياً هي الأكثر إثارة للمشاعر في الشرق الأوسط، وإذا لم نجد حلا لهذه القضية، يصبح من الصعب جداً إمكانية معالجة القضايا الأخرى في لبنان وفي العراق وسوريا أو حتى في إيران.

بي بي إس: لماذا وكيف يمكن للقضية الفلسطينية أن تكون المحور بهذا الشكل لكل شيء آخر؟

جلالة الملك: لأنه ينظر لهذه القضية على أنها واحدة من أكبر المظالم خلال العقود العديدة الماضية، ومرة أخرى فإنك تتحدث هنا عن العرب وعن المسلمين، وتسمع ذلك في أوروبا وفي آسيا، وهي مع الأسف تستخدم ذريعة لتجنيد الإرهابيين، ويستغلها المتطرفون للوصول إلى المحبطين، إنها بمثابة جرح تفاقم على مدى عقود طويلة، وسيستمر في التفاقم، ما لم نجد حلا للمشكلة الإسرائيلية-الفلسطينية.

بي بي إس: هل تعتقدون أن مسؤولية إسرائيل حل هذه القضية؟

جلالة الملك: اعتقد أنها مسؤوليتنا جميعا، وهناك مسؤوليات كبيرة على عاتق الإسرائيليين والفلسطينيين، وإذا استطعنا إطلاق عملية السلام بشكل صحيح فإن عليهم أن يتفقوا وأن يتوصلوا إلى حلول وسط حتى يتمكنوا من المضي بالعملية السلمية قدما. ولكن إذا تركوا وحدهم، فلا أعتقد أنهم سيكونون قادرين على ذلك، ولهذا فإن دور اللجنة الرباعية وبالتحديد دور الولايات المتحدة هو دور مهم في حث الطرفين على المضي قدماً، ولكن المشكلة لدينا تكمن في البديل وهو أننا إن لم نستطع حل المشكلة الإسرائيلية - الفلسطينية، فكيف يمكن لنا حل المشكلة الإسرائيلية-العربية؟ وهل نترك المنطقة لعدة عقود أخرى من العنف لا يستطيع احد منا احتمالها؟

بي بي إس: استوقفتني عبارة ذكرتموها عن إسرائيل الأسبوع الماضي، قلتم أن على إسرائيل أن تختار بين أن تكون دولة تعيش بعقلية القلعة المحصنة أو أن تنعم بالسلام والأمن مع جيرانها، هل تعتقدون أن الأمر بيد إسرائيل في هذا الخيار؟

جلالة الملك: لأن عليها أن تقرر إذا ما كانت تؤمن بالحل القائم على وجود دولتين أم لا، إذا كانت لا تؤمن بحل الدولتين، فهذا يعني أنها تؤمن بعقلية القلعة المحصنة، وبعبارة أخرى، لن تكون هناك إمكانية لنا نحن العرب لإيجاد إطار للسلام معها، ما لم نجد حلا لمستقبل الفلسطينيين، ونحن اليوم نقف على مفترق طرق، اعتقد ان مستقبل إسرائيل القائمة على القلعة المحصنة سيكون مدمراً لنا جميعاً، ولإسرائيل أيضاً. لذا فنحن جميعاً في القارب نفسه، إننا بحاجة لنكون قادرين على التواصل مع بعضنا بعضا، ونحتاج اليوم وليس غداً، أن نمضي بالعملية السلمية قدماً، وإلا فان مستقبل الشرق الأوسط سيكون مظلما جدا، وهذا سيؤثر عليكم تماما كما يؤثر علينا.

بي بي إس: كما تعلمون يقول الإسرائيليون، "مهلا، ولكننا لا نستطيع عقد اتفاق سلام مع حكومة يقودها أناس يرفضون حق إسرائيل في الوجود، ليس هذا فقط، بل أنهم يكرسون أنفسهم لتدمير إسرائيل" كيف تردون على ذلك؟

جلالة الملك: مرة أخرى، أقول ان هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه مع الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن هناك حكومة وحدة وطنية قيد التشكيل...

بي بي إس: حكومة وحدة وطنية في فلسطين؟

جلالة الملك: في فلسطين هناك رئيس مفوض هو محمود عباس وهو يؤمن بمبادىء اللجنة الرباعية ويرغب بالتواصل مع إسرائيل لإيجاد حل للقضية، واعتقد ان المجتمع الفلسطيني يقول إلى أين تمضون بمستقبلنا؟ وأقول هنا ان على إسرائيل مسؤولية العمل مع الفلسطينيين، ولكني أريد أيضا ان أعرف الجانب الآخر من المعادلة: هل تؤمن إسرائيل بالحل القائم على وجود دولتين؟ لقد تغيرت التوجهات اليوم، لأن الإسرائيليين والفلسطينيين ليسوا وحدهم، هناك الرباعية الدولية، وهناك مجموعة من الدول العربية والإسلامية المعتدلة التي تعمل مع الفلسطينيين، إننا نريد تحقيق ذلك، لأننا جميعا سنتأثر في المستقبل إذا لم يمض الإسرائيليون والفلسطينيون بالعملية قدما، أنا أتفهم أن هناك مشكلة مع الحكومة، إننا جميعا نتفهم ذلك وأقول أن العرب يدركون ذلك أيضاً والفلسطينيون يدركون ذلك وهذا أمر يجري العمل عليه، ولكن ما نحتاج إلى عمله هو الوقوف إلى جانب الفلسطينيين وإيجاد حل لهذه المسألة كجزء من المجتمع الدولي، ولكن يتعين على إسرائيل أيضا أن تعطينا إجابات: هل تريد المضي قدما أم لا؟

بي بي إس: هل تعتقدون انه يمكن إيجاد حل لهذه المسألة، مسألة الاعتراف بإسرائيل من خلال المفاوضات؟

جلالة الملك: هناك جماعات في كلا الجانبين لا يرغبون بالحل القائم على وجود دولتين، واعتقد أن استطلاعات الرأي تبين، في الجانب الفلسطيني على الأقل، أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين يريدون من قادتهم التفاوض بالنيابة عنهم، وهم يرغبون بالسلام ويريدون أن يكون لهم مستقبل، إننا بحاجة للتحدث مع الشعب الإسرائيلي والفلسطيني ليؤثروا على السياسيين الراغبين بالسلام من الجانبين.

بي بي إس: ولكنكم لا تعتقدون أن بوسعهم عمل ذلك وحدهم؟ بل يجب أن يتم ذلك بمساعدة الولايات المتحدة وأوروبا وقوى خارجية أخرى؟

جلالة الملك: في كل مرة كانت العملية السلمية في الشرق الأوسط تحرز تقدماً، كان ذلك بسبب تدخل أميركي مباشر، واليوم، فإننا جميعا في خطر ان لم تنخرط أميركا في العملية السلمية بصورة فاعلة، عندئذ لن نتمكن من جعل الطرفين يجلسان معا للاتفاق والتسوية والمضي بالعملية السلمية قدما ولن يكون الأمر في صالحنا.

بي بي إس: هل تشددون على هذه المسألة قدر المستطاع للقادة في الولايات المتحدة؟

جلالة الملك: نعم للقيادة هنا في الولايات المتحدة، وللمجتمع الدولي، لأن البديل سيكون دوامة عنف ستؤثر علينا جميعا وستستمر لسنين طويلة، ولا اعتقد أننا في الشرق الأوسط نستطيع احتمال مستقبل كهذا، اعتقد أننا نقف اليوم على مفترق طرق، والخيار هو هل سيسير الشرق الأوسط في الاتجاه الصحيح أم لا؟ والأمر يعود للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ودول المنطقة والدول العربية والإسلامية المعتدلة والإسرائيليين والفلسطينيين للمضي بالعملية في الاتجاه الصحيح.

بي بي إس: هل تعتقدون أن الولايات المتحدة كانت مخطئة في حربها على العراق؟

جلالة الملك: إننا عالقون في الظروف التي لدينا الآن، أنا لست ممن ينظرون إلى الوراء ليبدوا الأسف عما حدث، لدينا قضايا في العراق، ولدينا تحديات وعلينا ان نتعامل معها، ولكن مرة أخرى يجب المحافظة على السياق العراقي بصورته الأشمل. هناك قضايا في إسرائيل وهناك لبنان وسوريا وإيران، وكلها قضايا مترابطة، اعتقد أننا إذا أردنا أن نركز على الاتجاه الصحيح، فعلينا أن نبدأ من مكان ما، إن حل القضية المحورية يقلل كثيرا من الإحباط والغضب والشك في منطقتنا.

بي بي إس: كما تعلمون يا صاحب الجلالة، فإن معظم الأميركيين أو الكثيرين منهم يقولون ان القضية المحورية هنا الآن هي الحرب في العراق.

جلالة الملك: بالتأكيد.

بي بي إس: وما يهمهم هو، هل يمكن ان نكسب الحرب؟ هل يمكن حل المسألة؟ هل تعتقدون ان لجلالتكم ولقادة آخرون مثلكم دور يقومون به هنا؟

جلالة الملك: إني أشعر تماما مع الشعب الأميركي، لأن أبناءهم في المعركة، لذا فمن الصعب جدا ان نأتي إلى أميركا ونقول للأميركيين: إننا نتفهم الوضع في العراق، ولكن العراق ليس القضية المحورية، أنها كذلك بالنسبة للكثيرين من الأميركيين والعائلات الأميركية، لأن أبناءهم هم الذين يتعرضون للأذى، لا نستطيع تغيير ذلك، ولكن وفق الصورة الأكبر للتحديات السياسية، فإن القضية الإسرائيلية - الفلسطينية هي القضية المحورية، عندما يتعلق الأمر في العراق، فإن الدور الذي يقوم به الأردن وتقوم به دول أخرى في المنطقة هو العمل على استقرار العراق بالسرعة الممكنة، إننا نعمل مع الحكومة العراقية ومع قوات التحالف للمساعدة قدر الممكن، وسنستمر بعمل ذلك.

بي بي إس: ما رأيكم بالمسألة الإيرانية وعلاقتها بالعداء المتنامي مع الولايات المتحدة؟ هل هي مشكلة خطيرة؟

جلالة الملك: تصبح مشكلة خطيرة إذا وصلت إلى نزاع مسلح، أعتقد أن لدينا ما يكفي من القضايا الآن في الشرق الأوسط، ولسنا بحاجة لقضية نزاع وعدم استقرار أخرى في المنطقة. لا اعتقد أن بوسعنا احتمال ذلك.

بي بي إس: ختاما، اسمحوا لي يا صاحب الجلالة بهذا السؤال: تحدثنا من قبل، وكنت قد سألتكم بطريقة أو بأخرى، أو أننا تحدثنا بطريقة أو بأخرى، عن حالة التفاؤل لديكم في القدرة على إيجاد حل لهذه القضايا، مثل الصراع الدائر الآن بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟

جلالة الملك: كانت إجابتي دائما: إني متفائل، لأني اعتقد أن علينا ان نكون متفائلين. لأننا ان لم نكن كذلك فهذا يعني أننا وصلنا إلى مرحلة اليأس وأن المستقبل الذي ينتظرنا مستقبل مخيف، ولكن مرة أخرى، فإن ما يقلقني ونحن نمضي في عام 2007 أن أمامنا تحديات التعامل مع القضية الجوهرية، وإن لم نستطع المضي بها في الطريق الصحيح، فإن القدرة على العودة بالشرق الأوسط إلى النور ثانية ستتضاءل مع الوقت.

بي بي إس: الفرصة الأخيرة؟

جلالة الملك: إذا رأينا ما يجري في العراق، وعدم الاستقرار والتحديات في لبنان وكذلك قضايا سوريا وإيران والفلسطينيين ولنأخذ خطوة أخرى ابعد، ما يحدث في دارفور والصومال، هذا كله يتطلب منا أن نحقق مكسبا واحدا واكبر مكسب هو التعامل مع القضية المحورية. وإن لم نفعل ذلك، فاعتقد ان الشرق الأوسط سيستمر في الانزلاق إلى الهاوية، وسيصبح الأمر أكثر صعوبة على الدول المعتدلة في منطقتنا. واعتقد أن هذا هو الجزء الآخر من المعادلة، فكلما انزلقنا أكثر نحو الظلمات، فإن أصوات المعتدلين تخفت، وسيكون الصوت المسموع لدى الناس هو صوت المتطرفين، الذين سيقودوننا إلى الصراع. وهذا ما يقلقني.

بي بي إس: صاحب الجلالة شكرا جزيلاً.

جلالة الملك: شكرا.

/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/0L4A0999.JPG?itok=paI7ihZf
فليكر | ٢٤ حزيران ٢٠٢٤
80360
/ar/media/media-post/%D9%81%D9%84%D9%8A%D9%83%D8%B1-%D9%A2%D9%A4-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
24 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/1D1A1610.JPG?itok=evXtmwzG
فيسبوك | ٢٤ حزيران ٢٠٢٤
80358
/ar/media/media-post/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-%D9%A2%D9%A4-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4-0
24 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/GUT00615-Enhanced-NR.jpg?itok=ISMM443D
تويتر | ٢٤ حزيران ٢٠٢٤
80335
/ar/media/media-post/%D8%AA%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1-%D9%A2%D9%A4-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
24 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/F_OR5068.jpg?itok=zVNjJ2CK
فيسبوك | ٢٤ حزيران ٢٠٢٤
80332
/ar/media/media-post/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-%D9%A2%D9%A4-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
24 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/2C2A9392_0.JPG?itok=qa2rxNDt
فليكر | ٢٣ حزيران ٢٠٢٤
80319
/ar/media/media-post/%D9%81%D9%84%D9%8A%D9%83%D8%B1-%D9%A2%D9%A3-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
23 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/2C2A9153.JPG?itok=s7OMmBVS
فيسبوك | ٢٣ حزيران ٢٠٢٤
80317
/ar/media/media-post/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-%D9%A2%D9%A3-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
23 June 2024
/sites/default/files/styles/width_922/public/social-items/IMGM4750%20copy_0.jpg?itok=zo_zCNVt
تويتر | ٢٣ حزيران ٢٠٢٤
80315
/ar/media/media-post/%D8%AA%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1-%D9%A2%D9%A3-%D8%AD%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A4
23 June 2024