رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رئيس الوزراء علي أبو الراغب حول مفهوم الأردن أولا
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ علي أبو الراغب حفظه الله
رئيس وزرائنا الأفخم
تحية أردنية هاشمية عربية وبعد،
فقد حتمت علينا الظروف التي تمر بها منطقتنا والتحديات التي يفرضها الواقع العالمي المحيط بنا الذي نتأثر به ونؤثر فيه، أن نركز جل جهودنا الرسمية والشعبية نحو قضايا شعبنا وأولويات وطننا ومصالحه.
وكان إطلاق شعار "الأردن أولا" خطة عملنا التي من شأنها أن تصهر الأردنيين والأردنيات في نسيج اجتماعي موحد، يحفز حسهم بالانتماء لوطنهم والاعتزاز بوطنيتهم وعروبتهم وإسلامهم في مناخ من الحرية والديمقراطية والتعددية والتسامح والعدالة الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق فقد كان من الحتمي في الجوهر أن نتشارك في القناعة، كما في وحدة الهدف بأن "الأردن أولا" هو أكثر من شعار، بل هو مبدأ وطني نريد تكريسه نهج عمل وممارسة يومية لكل أردني وأردنية آمنَ بهذا الوطن موئلا وحضنا دافئا ومستقبلا واعدا وسعى إلى تحقيق ذاته عبر وطنه، ليس من خلال ولاءات خارجية، مهما كانت غاياتها أو أهدافها.
والأردن الفخور بهويته الإسلامية وانتمائه العربي والمدافع دوما عن حقوق الأمة ومصالحها سيبقى مثل عهد أمته به، رافعا لشعار الوحدة والبناء والتضامن العربي، ومتمسكا بمبادئ الدين الإسلامي السمحة، لن تكون دعوته لشعار "الأردن أولا" دعوة للانغلاق، بقدر ما هي إيمان وقناعة بأن قوة الأردن الاقتصادية والسياسية وأمنه الاجتماعي ضروريات إلزامية يجب أن يحفظها لذاته لكي يقوي محيطه العربي ويساند أشقاءه العرب.
والأردن أولا لكي ينجح في أدائه، يجب أن يكون حالة ذهنية صافية وفعلا إراديا وليس "ردة فعل" آنية تريح ضمير قائلها، ويكتفي بقولها وتردادها، بل الهدف الأساس هو تحفيز الطاقات الإيجابية لدى الإنسان الأردني إراديا، وإلى إعادة النظر في سلم أولوياته، لكي يتيقن أن سعيه وجهده وقضيته وهمومه وطموحاته وأهدافه وآماله كلها تبدأ "بالأردن أولا".
والأردن أولا يجب أن يكون القاسم المشترك للأردنيين والأردنيات من مختلف أصولهم ومهما تباينت توجهاتهم وآراؤهم ومذاهبهم ومعتقداتهم وأعراقهم. وهذا المفهوم يجب أن نكرسه بدءا من الأسرة والمدرسة والجامعة ومراكز الشباب وفي مؤسسات المجتمع الأهلي والحكومي كافة، ليصبح هذا المفهوم حقيقة وواقعا ملموسا وفعلا إراديا.
وبناء على هذا الفعل الإرادي، وفي خضم المزج بين الأوليات التي تؤثر على صفاء تفكيرنا وفعالية أدائنا، فنحن بحاجة إلى "فكرة محور" وإلى "منطلق وطني صرف وأساسي" يكون بدءا للتفكير والممارسة، ومقياسا للأداء والمواطنة، فالمجتمع الصحي الناجح هو مجموعة الخلايا أو الأفراد الذين يؤلفون نسيجه الاجتماعي ووحدته.
ولتحقيق ذلك يتحتم علينا أن نعتمد "الأردن أولا" على أساس كونه خطة عمل وجامعا مشتركا لنسيج مجتمعنا الموحد، للأردني والأردنية في القرية والبادية والمخيم والمدينة، للطالب في مدرسته وجامعته، وللجندي الذي يحرس الحدود، للمثقف والسياسي والنقابي وللحزبي، أكان إسلاميا أم قوميا أم وسطيا، وبعيدا عن كل الإنحيازات السياسية والدينية والعرقية، علينا أن نسعى إلى عقد اجتماعي يرسخ بالممارسة اليومية سلم أولوياتنا انطلاقا من هذه "الأولوية الأولى".
إن الحاجة إلى هذا الأمر هي حتمية ولا تحتمل التأخير والارتجال، ولزاما علينا أن نمنح "الأردن أولا" مناعة متكاملة في مواجهة الأفكار السلبية أو التأويلات الاتهامية التي قد تحاول عن جهل أو سوء نية، الخروج "بالأردن أولا" من جوهره النظيف والسامي، إلى زاوية عنصرية ضيقة. وهذا ما نربأ به على أنفسنا وشعبنا ولن نقبله أبدا.
إن الطبيعة البشرية، في جوهرها، تسعى إلى حماية ذاتها وإلى تطوير مستوى معيشتها، لذا علينا أن ننطلق "بالأردن أولا" من أرضية اقتصادية واجتماعية صلبة، دون أن نقع في فخ الشعارات السياسية المتناقضة، ذلك أننا إذا أرسينا "الأردن أولا" على واقع الاقتصاد والمجتمع، ونحقق لشعبنا الاستقرار والازدهار وبالتالي مصالحة الذات، فإننا سنصل أخيرا إلى الصفاء السياسي بشكل عفوي ودون افتعال.
ونرى أن هذه القناعات التي نعلم أن شعبنا مؤمن بها لا يمكن أن تكون حقيقة أساسية، دون إعادة النظر في بعض طروحات ممثلي فعاليات شعبنا وأحزابنا ونقاباتنا ليكون الهم الأردني عند الجميع متقدما على أي هموم أو قضايا أخرى، فالمعارضة يجب أن تكون معارضة لسياسات الحكومة وليس لنهج الدولة وثوابتها، وعليها أن تعارض من أجل قضايا شعبنا الأردني ومصالحه ومن أجل بناء الذات الأردنية، قبل دفاعها عن مصالح وأهداف أخرى. والصحافة الأردنية يجب أن تمنح مساحاتها الأكبر لمعالجة الشأن الأردني الداخلي وهموم المواطنين وقضاياهم قبل الاهتمام بقضايا خارجية.
إن هذه القناعة، وإن بدت بديهية تحتاج منا جميعا إلى عمل دؤوب ورؤية واضحة، لكي تصل رسالتنا هذه إلى فعاليات شعبنا كافة، بقطاعيه العام والخاص وبفعالياته التربوية والأكاديمية والاجتماعية، فالاستحقاقات الصعبة التي يواجهها الوطن وينتصر عليها، إنما هي تلك التي تبدو سهلة في ظاهرها، لكنها منهكة في تفاصيلها، لذلك فاعتماد "الأردن أولا" هو اعتماد يتطلب منا مواجهة كل الاحتمالات السلبية، وتجنيد جميع طاقات مجتمعنا الأهلي الإيجابية، لكي يسمو على الاختلاف بالوطنية، ويتجنب الخلاف بالوحدة، ولكي يحول الفروقات إلى غنى حضاري وإنساني.
ولهذا كله ومن أجل "الأردن أولا" فإننا نرى ضرورة تشكيل هيئة وطنية تحظى بدعمنا ومساندتنا وتعمل بتوجيهاتنا، وتبحث في السبل وآليات العمل التي توصل رسالة "الأردن أولا" وترسخ هذه الفكرة في الممارسة اليومية، كما في مختلف أركان المجتمع التربوية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية من الذوات التالية أسماؤهم:
- سماحة الشيخ عز الدين الخطيب التميمي
- معالي السيد مروان دودين
- معالي الدكتور عبد الله النسور
- معالي الدكتور رجائي الدجاني
- معالي المهندس سعيد بينو
- معالي المهندس سمير الحباشنة
- معالي السيد عبد الكريم الدغمي
- معالي السيد ايمن المجالي
- معالي السيد صالح القلاب
- معالي السيد عبد الرحيم العكور
- معالي الدكتور باسم عوض الله
- معالي الدكتورة رويدة المعايطة
- معالي المهندس سعد هايل السرور
- معالي الدكتور ممدوح العبادي
- عطوفة السيد عاصم غوشة
- سعادة السيدة صبحية المعاني
- عطوفة الدكتورة سيما بحوث
- عطوفة الدكتور محمد المصالحة
- عطوفة السيد امجد العضايلة
- سعادة الدكتور مصطفى حمارنه
- سعادة السيد صبيح المصري
- سعادة السيد محمود الخرابشة
- سعادة الدكتور سعد حجازي
- سعادة السيد باسم السالم
- سعادة السيد عريب الرنتاوي
- سعادة السيدة سهير العلي
- سعادة السيدة رنا الصباغ
- سعادة السيد غازي أبو جنيب الفايز
- سعادة الدكتور حسين توقة
- سعادة الدكتور وجيه عويس
- سعادة السيد أحمد سلامة
وستتولى هذه الهيئة إنهاء المهمة المناطة بها في المرحلة الأولى على أن يتم تكليف هيئات ولجان أخرى في مراحل لاحقه لتتولى متابعة هذا الأمر بما يليق ورؤيتنا لأردن المستقبل.
حفظ الله العلي القدير الأردن وطنا أردنيا هاشميا عربيا وأبقاه حرا عزيزا تسمو به هامات الأردنيين والأردنيات ويحققون ذاتهم من خلاله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
عبد الله الثاني ابن الحسين