رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جلالة الملكة نور الحسين
صاحبة الجلالة الملكة نور الحسين المعظمة حفظها الله ورعاها
أبعث إليك بتحية المودة والاحترام والتقدير وبعد،
فقد كان جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه، يستمد قوته من إيمانه العميق وقلبه الكبير وإنسانيته الأصيلة وخلقه النبيل، وكان رحمه الله الأكثر حرصا على ترسيخ القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية السامية، في نفوس الناشئة من أبناء الأردن العزيز، وكان يرى أن هذه القيم هي المحور الرئيسي في تشكيل شخصية هذا المجتمع، وهويته الثقافية والنفسية والاجتماعية، وهي الضمانة الحقيقية لإطلاق الطاقات الخلاقة المبدعة، وتوجيهها في الاتجاه الصحيح، الذي يسهم في بناء المجتمع وتنميته، وتعزيز أواصر التعاون والتكافل والتسامح بين أفراده في إطار من العلاقات السلمية والحوار الحضاري الهادف، والتفكير الموضوعي، والالتقاء على القواسم المشتركة تجاه مختلف القضايا.
وقد كنت يا صاحبة الجلالة رفيقة درب الحسين، تشاركينه فكره وإيمانه وعمله الدؤوب في سبيل خير الأردن والأردنيين. وقد عهد إليك رحمه الله برئاسة مؤسسة نور الحسين، وكان عطاؤك فيها والحمد لله عطاء متميزا يذكره أبناء أسرتنا الأردنية الواحدة من شتى المنابت والأصول بمنتهى التقدير والعرفان.
وقد رأينا أن من الوفاء لراحلنا العظيم واستمرارا لنهجه في العطاء المتميز المستمر ورسالته النبيلة، أن تنشأ مؤسسة تحمل اسمه (مؤسسة الملك الحسين) وأن أعهد إلى جلالتك بإنشائها ورئاستها، وإنني لآمل أن تكون هذه المؤسسة بإذن الله وتوفيقه، ورعاية جلالتك تجسيدا وتحقيقا لرؤى الحسين وللقيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي كان رحمه الله يؤمن بها ويحرص عليها، وأن تعمل هذه المؤسسة على تحقيق نوع من التنمية المتكاملة الطويلة المدى، وبناء علاقات إيجابية سليمة بين الناس، وحماية البيئة الطبيعية والحياتية، وتوطيد الأمن والاستقرار الاجتماعي. من خلال ما تقوم به هذه المؤسسة من نشاطات مع مثيلاتها من المؤسسات القائمة في تعميق تلك القيم، من حيث وضع بعض البرامج التربوية والتعليمية المحفزة على الإبداع والمبادرة و تطويرها و تعميمها، وتعميم برامج تربوية وصحية، ودعم البرامج المتعلقة بحماية البيئة وتوفير العدالة الاجتماعية وسبل العيش الكريم للمواطنين، من أجل استقرار المجتمع وتوطيد الأمن الوطني.
وعلى الصعيد الدولي آمل لمؤسستنا المتميزة بإذن الله أن تساهم من خلال جهود أبناء الأردن والمسؤولين فيه أن تكمل نهج الحسين بمد الجسور مع العالم وإعلاء شأن الأردن في الأوساط الدولية الرسمية والأهلية.
وإنني إذ أعهد إلى جلالتك بهذه المهمة العزيزة على قلوبنا جميعا، وأعرب عن ثقتي المطلقة بأنك خير من يتسلمها ويرعاها، وأؤكد دعمي الكامل ومؤازرتي لك ولمن سيعملون بمعية جلالتك، في هذه المجالات الحيوية المهمة، لأسأل المولى عز وجل أن يحفظك ويرعاك ويسدد على طريق الخير خطانا جميعا.
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
عبدالله الثاني ابن الحسين