رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى سمو الأمير الحسن بن طلال
صاحب السمو الملكي العم العزيز الأمير الحسن حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فأزجي إليكم بتحية عربية هاشمية، ملؤها المودة والاعتزاز بكم، والتقدير لغزير عملكم، وحصيف رأيكم، وواسع خبرتكم، والثناء العطر على ما قدمتم وأعطيتم عبر السنين العديدة الماضية، وأنتم تضطلعون بالمهام التي كان يوكلها إليكم جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه، تقديرا من جلالته لكفاءتك وقدراتك، واستجابة منه لرغبتك واجتهادك وحماسك لشرف الخدمة إلى جانبه رحمه الله، وقد كنت له الأخ والرفيق والسند، وموضع الثقة والتقدير.
ولقد تلقيت بالمحبة والاحترام والعرفان التي تربينا عليها جميعا في مدرسة الحسين، رسالتكم الكريمة التي تعبر عن نبيل مشاعركم، وصادق مودتكم، وسمو سجاياكم، وأنتم تباركون لنا بحمل أمانة المسؤولية الأولى في الأردن العزيز، ولسمو الأمير حمزة بتسلم ولاية العهد، وتؤكدون فيها أنكم تقفون أمام الله والوطن وشعبنا الأبي، لتعلنوا أنكم ستكونون لنا ولولي عهدنا سمو الأمير حمزة، العضد والأخ الذي لا يضن علينا بمحبة أو معرفة أو مساندة، وهذا عهدنا بكم، وعهد الناس بنا نحن الأسرة الهاشمية التي ألّف الله بين قلوبهم، فاجتمعوا على التحاب والتراحم والتكافل، والصفاء وطهر السريرة، ونقاء الضمير.
وإنني إذ أعرب عن عميق شكري وبالغ امتناني لسمو العم العزيز على كل كلمة اشتملت عليها رسالتكم الكريمة، لأؤكد تقديرنا جميعا لعطائكم المتميز، والجهود المخلصة المثمرة التي بذلتموها إلى جانب الحسين، وبدعم وتوجيه منه، طيلة السنين الماضية في بناء العديد من مؤسساتنا الوطنية، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، ومنتدى الفكر العربي، ومؤسسة آل البيت وجامعة آل البيت، وقد كان لهذه المؤسسات أثر طيب في إدخال مجالات العلم والتكنولوجيا في مجتمعنا ومناحي حياتنا وتوسيعها، كما كان لمنتدى الفكر العربي وبجهودكم المخلصة الدؤوبة دور بارز في لمّ شمل مفكري الأمة ومثقفيها، وتوحيد جهودهم في مناقشة قضايا امتنا الكبرى، وبلورة رؤاها المستقبلية.
أما مؤسسة آل البيت وجامعة آل البيت، فقد كانت جهودكم فيهما خيرة مثمرة والحمد لله، حيث أسهمتا بقسط وافر وكبير في بلورة صورة الإسلام المشرقة الصحيحة، الإسلام الوسطي المعتدل الحضاري، ونقل هذه الصورة إلى العالم، زاهية مشرقة، بعيدة عن التعصب أو الانغلاق، وقد أثريتم هذه التجربة ورفدتموها من خلال رعايتكم لحوار الأديان، وإتاحة الفرص للقاء العلماء المتخصصين فيها، في مناخ من الانفتاح والتسامح، وتعظيم الجوامع والمحاور الرئيسية التي يلتقي عليها اتباع هذه الديانات.
أما وقد استقرت أحوال هذه المؤسسات وآتت ثمارها والحمد لله، فإنني أعهد إليكم بالاستمرار في رئاسة المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا وتكريس جهودكم الخيرة للنهوض بهذا المجلس وتفعيل خططه وبرامجه وتعظيم إنجازاته، بما أتاكم الله من غزير العلم والمعرفة والرأي الصائب، وبما توفرتم عليه عبر تلك السنين من خبرة واسعة، وقدرة على استشراف المستقبل ومواكبة معطيات هذا العصر العلمية والتكنولوجية، وكيفية الاستفادة منها في مجالات الحياة المختلفة، آملا أن نلتقي باستمرار للاطلاع على خططكم وبرامجكم والتشاور حول سبل تنفيذها، وتحقيق أهدافها.
وإنني إذ أعرب لسمو العم العزيز عن عميق اعتزازي بكم، وتقديري لعطائكم الذي سيستمر بإذن الله، لأؤكد أن هذه المؤسسات والمجالات التي عملتم فيها إلى جانب الحسين، ستظل منارات علم وفكر ومعرفة، وإنني لواثق من أنكم لن تضنوا عليها بمشورتكم وعلمكم ورأيكم السديد، وستظل بالنسبة لي كما كنت على الدوام العم العزيز الذي أكن له كل المودة والاحترام والتقدير، والمفكر والعالم وصاحب الرأي السديد والرؤية الثاقبة، الذي يستنار بعلمه ويعتد برأيه.
وأسأل المولى عز وجل أن يحفظكم ويمتعكم بموفور الصحة والسعادة، وأن يسدد على طريق الخير خطانا جميعا لما فيه خير وطننا وأمتنا.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عبدالله الثاني ابن الحسين