رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد العمال
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله العربي الهاشمي الأمين وبعد،
فيسعدني في هذا اليوم المبارك أن أتوجه إلى إخواني العمال في عيدهم العالمي بتحية التقدير والاعتزاز والتهنئة بهذه المناسبة الطيبة لبناة الوطن، أصحاب السواعد القوية والعزائم الماضية والنفوس العامرة بمعاني الانتماء والوفاء والإخلاص لهذا الوطن ورسالته العظيمة، فكل عام وأنتم بألف خير.
أيها الأخوة العمال،
إن ما تحقق من إنجازات لهذا البلد الخير على مدى العقود الماضية، يؤكد لنا سلامة المسيرة التنموية وصدق توجهاتها وسعيها الجاد لتحقيق الحياة الحرة الكريمة لكل مواطن في ظل دولة القانون، والأمن والاستقرار في مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص ومؤسسات المجتمع المدني.
وما كان ذلك ليحدث لولا تفانيكم في العمل وحرصكم على تطوير بلدكم وتقدمه وازدهاره ومحافظتكم على هذه المنجزات، ومتابعتكم لما يحدث في العالم من تقدم في الأساليب والوسائل التكنولوجية الحديثة.
وإن ما نشهده، مع ولوجنا بوابة هذا القرن من تغيرات متسارعة في أساليب العمل والإنتاج، تدفعنا إلى المنافسة والمشاركة والمتابعة من خلال التدريب والإطلاع على تجارب الأمم الأخرى وإطلاق إرادة التغيير في نفوسنا لنكون قادرين على المساهمة مع الآخرين في تطوير قدراتنا نحو الأفضل والأحسن لاستيعاب هذه المفاهيم والمشاركة في الحضارة الإنسانية والتأثير فيها بدلا من الوقوف متفرجين على ما تنتجه الأمم الأخرى.
ومن هنا، فإننا حريصون في الأردن على الاهتمام بتدريب شبابنا وإعدادهم الإعداد الأمثل للمشاركة في الإنتاج والإبداع وإطلاق قدراتهم نحو الابتكار والتنافس. إذ أولينا جل اهتمامنا وضمن إمكاناتنا المالية لمشاريع التدريب والتشغيل وتوفير فرص العمل للقادرين عليه، وتشجيع المبادرات الفردية وتهيئة الظروف البيئية المناسبة للإنتاج وتوفير شروط السلامة والصحة المهنية، وما يتطلبه ذلك من تشريعات عصرية تحقق انسجاما مع معايير العمل الدولية ودخولنا العصر الحديث بخطى واثقة وعزيمة قوية.
ونحن ندرك أن التدريب شرط أساسي لاستيعاب معطيات الحياة الجديدة والمنافسة في سوق العمل المحلي والعربي والعالمي، وعليه فإن أطراف الإنتاج الثلاثة مدعوة للتعاون فيما بينها لوضع الخطط متوسطة المدى وطويلة المدى، لتدريب الشباب وتطوير مهاراتهم وتحسين أدائهم لتعزيز تميز الشباب الأردني وما حققه من سمعة طيبة في أسواق العمل العربية والعالمية.
ولقد كان على رأس أولوياتنا في هذا البلد إيجاد فرص عمل للأردنيين وإحلالهم تدريجيا محل العمالة الوافدة وفتح أسواق جديدة عربية وعالمية من خلال الاتفاقيات الثنائية مع الدول الصديقة ومن خلال مكاتب التشغيل التي تم استحداثها لهذه الغاية.
أيها الأخوة العمال،
إننا في الأردن حريصون على توفير العمل المناسب الذي يحفظ للإنسان كرامته وصحته وأمنه واستقراره، ونتطلع إلى المستقبل بتفاؤل وأمل، ولنا في مضاء عزائمكم وقوة إرادتكم وقدرتكم الكبيرة على البذل والعطاء ما يبعث الاطمئنان والثقة بأننا في طريقنا لتحقيق التنمية الشاملة التي تليق بطموحات الوطن، وسنعمل كل ما من شأنه تعزيز القيم الإيجابية والبناءة في نفوس الأجيال القادمة ونحارب معكم عوامل اليأس والإحباط ومظاهر عمل الأطفال واستغلالهم بطريقة لا تتناسب مع حقوقهم التي تنص عليها المواثيق الدولية، وسنعمل على توفير البيئة المناسبة للمرأة العاملة وإدماجها في المجتمع بشكل يوفر لها كامل الامتيازات والحقوق.
أيها الأخوة العمال،
لقد تحقق في هذا العام إنجاز قانون الضمان الاجتماعي الذي راعى الحقوق التقاعدية للعمال وتوفير كل ما من شأنه استثمار مدخراتهم من خلال تشكيل هيئة استثمارية تكون مهمتها المحافظة على القيمة الحقيقية لموجودات المؤسسة والمحافظة على القيمة الحقيقية للاستثمارات وتقليل المخاطر من خلال تحقيق عوائد مجزية ومنتظمة.
وإنني إذ أتوجه لكل أخ وأخت من عمال الأردن بالتهنئة الحارة، لأتوجه باسمكم أيضا بتحية التقدير والاعتزاز لإخواننا عمال فلسطين وهم يواصلون البذل والعطاء تحت أقسى الظروف والمعاناة التي يتعرضون لها تحت الاحتلال.
سائلا المولى عز وجل أن يحفظكم جميعا وأن يبارك في جهودكم لبناء وطنكم وتحقيق طموحاتكم النبيلة.
وكل عام وأنتم بألف خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبد الله الثاني ابن الحسين