كتاب التكليف السامي لعبدالرؤوف الروابدة
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ السيد عبد الرؤوف الروابده حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبعث إليك بصادق المحبة ووافر التقدير، فقد عرفناك رجلا من رجالات الأردن المجربين المخلصين، صادق الانتماء والولاء لقيادتك ووطنك، جريئا في قول كلمة الحق، أردنيا أمينا، عاملا بجد وإخلاص، مشهودا لك بالكفاءة والنزاهة في مختلف مواقع المسؤولية التي تسلمتها عبر رحلتك الطويلة في خدمة العرش والوطن.
أخاطبك والوطن يمر بمرحلة جديدة واعدة، تسلمت فيها المسؤولية خلفا للوالد العظيم، أسبغ المولى عليه ثياب رحمته وأسكنه فسيح جناته، فقد بنى ومعه الأردنيون الأوفياء هذا الوطن الطيب بالعرق والجهد واحة أمن واستقرار وإنجاز، حتى غدا ملء السمع والبصر. إن المرحلة بظروفها ومعطياتها ومتطلباتها، تستدعي من الجميع التلاحم والانسجام في مسيرة موحدة تحشد وتتضافر فيها جميع الجهود، لاستكمال البناء الوطني وتطوير المؤسسية، وإجراء إصلاحات جذريه في جميع المجالات.
وبناء على استقالة حكومة دولة الأخ الدكتور فايز الطراونه، فإنني أعهد إليك بتشكيل حكومة هذه المرحلة الجديدة، آملا أن تضم قيادات كفؤة متميزة، قادرة على تحمل الأعباء الكبيرة، وفي مقدمتها النهوض بالاقتصاد الوطني بالتعاون مع جميع القوى والفعاليات في القطاعين العام والخاص، وتعزيز قدرة المواطن على مواجهة أعباء الحياة، وتجذير الديموقراطية وتأكيد سيادة القانون، وتعزيز الوحدة الوطنية، والحفاظ على أمن الوطن واستقراره، وإدارة شؤون الوطن في مناخ من العدالة والنزاهة وحسن الأداء.
إن المرحلة تستدعي وضع الخطط والمناهج الواضحة التي تحدد حاجات المواطن وهمومه، وتضع الحلول العملية الناجعة لتلك الحاجات والهموم، وتنهض لتطبيقها بواقعية وفق قدرات الوطن. لذا فإنه لا بد من التركيز على الأمور التالية:
أولا: إن الوحدة الوطنية هي إحدى المقومات الأساسية التي تعطي الوطن القوة وتمنحه المنعة، وتحول دون التفتيت والاختراق، لقد كان الأردن على الدوام وطنا لكل العرب ونموذجا لمجتمع الأسرة الواحدة المتلاحمة في السراء والضراء، الجميع فيه شركاء في العمل والبناء وحماية الوطن والالتزام بمصالحه.
إن الأردنيين جميعا، رجالا ونساء، مهما كانت منابتهم وأجناسهم وأديانهم وأفكارهم، متساوون أمام القانون، شركاء في أداء الواجبات والتمتع بالمنافع. إن تعزيز الوحدة الوطنية يتم بسيادة القانون على الجميع دون تمييز لأي سبب، وترسيخ النهج الديموقراطي وحماية حقوق الإنسان، وتطبيق مبادىء العدالة وفق أسس سليمة واضحة، وإقامة التوازن بين أقاليم الدولة ومناطقها، وتطبيق القانون بحزم على كل من يثير النعرات أو يحاول العبث بالنسيج الوطني. إن الدولة بسلطاتها الدستورية هي الممثل الوحيد لكل الشعب وهي المسؤولة عن صيانة حقوق جميع فئاته. إن الواجب يدعونا إلى توحيد جميع الجهود فيصبح المواطنون صفا واحدا متراصا لبناء الوطن وحماية أمنه وصيانة استقراره وصياغة مستقبله المشرق بعون الله.
ثانيا: إن الديموقراطية هي منهج الحياة الأمثل، تحتاج باستمرار إلى تعميق وإلى تثقيف جماهيري بأصولها وممارستها من خلال وسائل التربية والتوجيه الوطني. إن مؤسستنا التشريعية مثار فخر واعتزاز لنا ولأمتنا، وهي الممثل الصادق لإرادة شعبنا، وإننا نتطلع إلى قيام تعاون وثيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية خدمة للمصلحة الوطنية العليا، في إطار من الالتزام بالصلاحيات الدستورية لكل منهما، وعلى قاعدة من التوازن والتعاون بينهما، كما نرى ضرورة توفير جميع التسهيلات التي تعين السلطة التشريعية في أداء مهامها الجليلة وندعو إلى تعميق الحوار البناء المسؤول مع جميع الفعاليات الوطنية في إطار من الالتزام بثوابتنا الدستورية، بعيدا عن التعصب والتخندق ومحاولة احتكار الصواب من أي طرف، فالحكمة ضالة المؤمن، والجميع شركاء في حمل مسؤولية الوطن وتعزيز مسيرته.
ثالثا: إننا نعتز بالقضاء الأردني، أداء واستقلالية، وندعو إلى دعم تلك الاستقلالية من خلال تطوير قانون استقلال القضاء، وتحسين أوضاع القضاة وظروف عملهم، وتطوير التشريعات التي تحكم اجراءات التقاضي بهدف تسهيل وتسريع وصول الجميع إلى حقوقهم، فالعدالة السريعة تعزز ثقة المواطن وتطمئنه على حقوقه وحرياته .
رابعا: إن جيشنا العربي الباسل، عنوان العز والفخار، وحامي الوطن وحارس الديموقراطية الذي أعطى الوطن صورة زاهية في جميع الميادين، محليا وعربيا ودوليا، حري بأن يكون أولى أولويات حكومتكم من حيث الدعم والتجهيز والتسليح ورعاية منتسبيه، حتى يظل على عهده، يؤدي واجبه المقدس في الدفاع عن أرض الوطن، والإسهام في حماية أمن المنطقة، والمشاركة المتميزة في قوات حفظ السلام الدولية في مناطق العالم المختلفة.
أما أجهزتنا الأمنية جميعا، الساهرة على سلامة الوطن وأمن المواطن، فهي بحاجة إلى كل الدعم والمساندة وفق أحدث الأساليب والسبل في هذا المجال، حتى تؤدي واجبها في تحقيق الاستقرار الوطني وطمأنينة المواطن، يقف معها كل شعبنا الطيب الواعي يرفدها بالمشاركة والتأييد.
خامسا: إن الإدارة التي تستطيع تحقيق الأهداف بجدية وبكلفة أقل وزمن أقصر، هي الإدارة الحصيفة، التي تقوم على إيجاد مؤسسات متخصصة فاعلة تعمل بروح الفريق الواحد، وتتوفر لها قيادات إدارية كفؤة نزيهة، تقدم الصالح العام على أي اعتبار آخر، وتتصف بالعدالة والمبادرة والإبداع، وتركز على العمل الميداني، وتتصدى للمعضلات قبل وقوعها أو حين يكون من السهل التعامل معها قبل أن تتفاقم، وتنأى عن الانحراف والعبث والاستغلال والمحسوبية.
إن الإدارة العامة بحاجة إلى إعادة هيكلة لمنع التداخل والتضارب والازدواجية، واختيار القيادات والموظفين على أساس الكفاءة والخبرة والنزاهة، بعيدا عن الاستزلام والشللية والتعصب لأي غرض أو جهة، وتحديث الإجراءات الإدارية بهدف تبسيطها، وتسهيل حصول المواطن على حاجاته وخدماته دون عناء أو تكلفة زائدة. إن الفساد الإداري والمالي سبيل لتدمير المجتمعات وإضعاف الدول، ولقد تميزت إدارتنا على الدوام بالكفاءة والنزاهة، وكانت مثالا في الأداء والإنجاز، وأسهمت في خدمة العديد من المجتمعات العربية، إلا انه قد بدأت تظهر فيها جيوب للتسيب والانتهازية والاتكالية، وما لم يتم وضع حد لتلك الظواهر فإنها ستستشري وهو أمر لن نسمح به وسنتصدى له بكل حزم، ولذا فإن الحكومة مطالبة بأن تضع من الضوابط والإجراءات ما يعيد لإدارتنا وجهها المشرق، وأن تتصدى للتواكل والترهل والفساد بكل قوة وعنفوان، وأن تبتر العناصر التي تقوم بذلك أو تشجعه، مهما كان موقعها أو مسؤوليتها، وأن تقدم لقضائنا العادل كل من يتجاوز على الوظيفة العامة أو يستغلها أو يحاول الإثراء على حسابها أو يسهل ذلك لغيره.
سادسا: إن البطالة والفقر همان كبيران يواجهان الوطن ويعيقان عملية النمو والنماء، ويؤثران على قدرات الوطن ويزيدان في معاناة المواطن الذي نسعى كهاشميين دائما لتوفير حياة كريمة له ولأبنائه وبناته ما وسعنا الجهد والإمكانات. لذلك فإن على الحكومة أن تضع في مقدمة أولوياتها التصدي الجاد لهاتين المشكلتين، بالقيام بعملية تنمية شاملة في جميع المجالات، وتعزيز دور صناديق العون الاجتماعي وتكامل أدوارها وتوحيد مظلتها الإدارية، وتنفيذ الحزمة الاجتماعية بجدية متناهية وإجراء دراسة عملية واقعية تحدد حجم المشكلة وواقعها بالسعي إليها وعدم الاكتفاء بانتظار الشكاوى والتدخلات، فالمواطن صاحب حق في العمل والحياة الكريمة ولا يجوز أن تحول بينه وبينهما أي أسباب أو تبريرات. إن تسريع إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة بحاجة إلى جدية في التنفيذ ووضوح في الخطة، كما يجب سرعة التحرك لتصدير العمالة الأردنية إلى الدول الشقيقة التي أبدت تفهما مشكورا في هذا المجال.
سابعا: يعاني الاقتصاد الأردني من التباطؤ والركود لأسباب عديدة، وقد حقق البرنامج الوطني للتصحيح الاقتصادي العديد من النجاحات، إلا أنه بحاجة إلى إعادة نظر، وفق المتغيرات والمستجدات، وذلك بالتعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية المختصة التي أبدت رغبة في المساعدة، وبالمشاركة الفعالة من القطاع الخاص الذي نقدر دوره وإنجازاته، وذلك بهدف معالجة الاختلالات وتوفير المناخ المناسب للاستثمار وتشجيعه وإزالة العقبات التي تواجهه، وتوفير التسهيلات التي تجذبه وتوحيد جهة التعامل معه، وتوزيع الدخل القومي بعدالة على جميع فئات المجتمع، وزيادة الادخار وترشيد الاستهلاك، وتنشيط عملية الإنتاج والتصدير، وتوفير فرص عمل جديدة، والعناية بالسياحة والنقل وغيرهما من الخدمات، والاهتمام بالثروات المعدنية، ووضع الخطط الزراعية التي تكفل تحسين دخل المزارع وتوطين زراعات جديدة أفضل دخلا وأقل استهلاكا للمياه، وتوفير مستلزمات الإنتاج والقروض الميسرة. إن عملية التخاصية بحاجة إلى تطوير مؤسسيتها، وتحديد سياساتها بشكل يضمن شفافية الإجراءات والحفاظ على المال العام وحسن استخدامه.
ثامنا: إن العملية التربوية، رغم إنجازاتها العديدة، بحاجة إلى تطوير مستمر بهدف الارتقاء بمستوى التعليم وتجويد مخرجاته، والعناية بالتربية الوطنية لتعزيز الانتماء والتركيز على التفكير والحوار في أجواء من الاعتدال والتسامح، والاهتمام بتكنولوجيا التعليم، ورفع سوية المعلمين وتحسين ظروفهم، وتعزيز دور الجامعات كمنارات للإبداع وحرية التفكير والتعبير بعيدا عن التعصب أو التبعية، وتخريج الكفاءات العالية القادرة على الأداء الجيد التي تسهم في نشر العلم والمعرفة والتوعية الوطنية.
تاسعا: إن هناك حاجة للعناية بالثقافة، وتطوير المؤسسات الثقافية القادرة على استقطاب الكفاءات الحقيقية وإطلاق طاقات الإبداع التي تعبر عن حقيقة شعبنا ودوره الفاعل في ثقافة أمته وقضاياها على مدى الأيام، التي تنطلق من الانتماء الواعي للوطن وتعزيز قيم الحق والعدل، وتنفتح على حضارات العالم وثقافاته دون إغراق يجتث الجذور أو انغلاق يؤدي إلى الجمود.
عاشرا: إن إعلامنا الوطني بحاجة إلى الرعاية والاهتمام حتى يغدو معبرا بصدق عن واقع هذا الوطن وجهوده وإنجازاته ومسيرته الديموقراطية ومناخ الحرية المسؤولة التي يعيش. إن الوطن بحاجة إلى مؤسسة إعلامية كفؤة تسهم في التوعية والتوجيه الوطني وتحمل رسالة الأردن الحديث إلى العالم بأسره، نقية صافية، من خلال صحافة حرة مسؤولة تتميز بالرصانة والاتزان والمصداقية، وإذاعة مسموعة ومرئية تنفتح على شؤون الوطن، كل الوطن، وتعبر عنها بواقعية، وتستقطب ذوي الرأي الصادق الأمين الموضوعي بغضّ النظر عن آرائهم وأفكارهم، وأن يتم ذلك كله في إطار من حرية التعبير بمسؤولية لا تفتئت على قيم الوطن ولا تهمل إنجازاته، ولا تستغل أجواء الديموقراطية للإساءة إليها، تقيّم بوعي وتنقد بإيجابية، فالكلمة بلسم شاف بيد المخلص المسؤول وسيف قاتل بيد الظالم أو المتجني.
حادي عشر: إن هذا البلد يعتز برسالة الإسلام وتراثه الخالد، ونفخر كهاشميين بهذا الإرث الذي تحدّر إلينا ونعتز برعايته، ولذا فلا بد من إبراز الصورة المشرقة للإسلام والتصدي لمحاولات تشويهها من أي جهة كانت، والاهتمام بالتوجيه الديني وما يرسخه من قيم التعاون والتآخي والتواد بعيدا عن التعصب والشقاق والتنافر وتطوير مؤسسة المسجد، منبر ولي الأمر، واستغلالها وسيلة للدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والخلق القويم، وتوفير الدعاة المؤهلين النزيهين ورعاية شؤونهم.
ثاني عشر: إن خدماتنا الصحية نموذج متميز في المنطقة، وهي بحاجة إلى العناية القصوى لمعالجة أي مظاهر للتراجع ورفع سويتها وتقديم خدمات جيدة للمواطن قريبا من مكان إقامته، ولذا فإن من الضروري إعادة النظر بالسياسة الصحية من حيث المؤسسات والكفاءات والتجهيزات والإدارة، وتوسيع مظلة التأمين الصحي وصولا في القريب العاجل إلى التأمين الصحي الشامل، الذي يضمن للجميع، وبخاصة ذوي الدخل المحدود، التمتع بخدمات صحية نموذجية، والتوسع في مجالات الطب الوقائي، وإيلاء عناية خاصة للسياحة العلاجية وتوفير التسهيلات والتنظيم الذي يشجع الإقبال عليها خدمة للاقتصاد الوطني.
ثالث عشر: إن استهلاكنا من الطاقة والمياه في تزايد مستمر، والطاقة مستوردة ومصادر المياه شحيحة، ولذا فإن الحاجة تستدعي تكثيف البحث والتنقيب عن مصادر الطاقة وبخاصة الصخر الزيتي وتكثيفه كذلك عن مصادر جديدة للمياه وتطوير القائم من هذه المصادر والتوسع في إنشاء السدود، وترشيد استخدامات المياه ومنع الهدر فيها، وتسريع عملية تجديد شبكات التوزيع وتحسين محطات التنقية ومحاولة إعادة استعمال مياهها. سيكون للجفاف أثر كبير على المزارعين ومربي الماشية، ولذا فإن الاهتمام بأمورهم ومساعدتهم على تجاوز تلك الآثار ضرورة قصوى يجب أن تنهض لها جميع المؤسسات المختصة.
رابع عشر: تتعرض البيئة الإنسانية للجور والاعتداء، وهي بحاجة إلى عناية خاصة تضمن تفعيل التشريعات وتطويرها، وتوفير الكفاءات المتخصصة القادرة على العمل الميداني الجاد، وتفعيل مشاركة جميع المؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية، بهدف حماية التربة والماء والهواء من التلوث وحماية الأرض الزراعية من الاعتداء، ومكافحة التصحر وانجراف التربة، وصيانة المحميات الطبيعية، والقيام بجهد وطني شامل للتحريج وتطوير الغابات.
خامس عشر: إن الشباب هم عدتنا للمستقبل، ولذا فلا بد من إطلاق طاقاتهم وتوجيهها للخدمة الوطنية العامة، وتنظيمها في أطر جماعية تشمل جميع أرجاء الوطن، واستغلال أوقات فراغهم فيما يفيدهم ويعود على الوطن بالنفع، والتركيز على التعليم والتدريب المهني بهدف تلبية حاجات الوطن من اليد العاملة المدربة وإحلالها مكان العمالة الوافدة، وأن يكون للنقابات المهنية والعمالية دور بارز في تطوير المهن وتحسين أدائها وتوفير أفضل الخدمات للمواطن.
والمؤسسات الرياضية بحاجة للعناية والدعم والتنظيم لإبراز دورها في رعاية الشباب وإطلاق إبداعاتهم، وتعزيز القيم الأخلاقية النبيلة والتنافس الشريف وتجذير الاعتزاز الوطني، كما أن الدورة الرياضية العربية التاسعه (دورة الحسين) بحاجة إلى جهود مميزة في الإعداد والاستعداد حتى تكون جديرة باسم راحلنا العظيم.
سادس عشر: لقد أصبح دور المرأة أكثر أهمية، وقد تطور دور المرأة الأردنية ومشاركتها في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية، بحيث أصبحت دعامة أساسية من دعامات التنمية والبناء، ولذا فإن هذا الدور بحاجة إلى تعزيز ورعاية، وبخاصة في الريف والبادية. أصبحنا نشهد بعض الظواهر التي تسبب المعاناة للمرأة أو انتهاك بعض حقوقها الأساسية. ولذا فإننا نتطلع إلى تعديل التشريعات التي تنتقص من حقوقها أو توقع الظلم عليها، وتوفير جميع التسهيلات التي تعينها على أداء دور الشريك في العمل والبناء دون تمييز أو محاباة.
كما أن الطفولة بحاجة إلى رعاية خاصة تحميها من العنف والتشرد والاستغلال، وتوفر لها النمو الطبيعي المتوازن داخل الأسرة وفي المجتمع ومؤسسات الرعاية الاجتماعية.
سابع عشر: قدم الأردن على الدوام للأشقاء الفلسطينيين الدعم والمشاركة على قاعدة من الأخوة والمصير الواحد وكان له الدور البارز في القضية الفلسطينية منذ نشأتها وحتى اليوم، كما وقف إلى جانب الأخوة في السلطة الوطنية الفلسطينية بكل طاقاته وإمكاناته وكان دور المغفور له الوالد بارزا في هذا المجال للوصول إلى حل عادل مشرف وتجاوز أي عقبات أو عراقيل يواجهونها. سنستمر في دعم الأشقاء بمختلف الوسائل والسبل بهدف وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، كما نتطلع إلى قيام علاقات متميزة مع الدولة الفلسطينية المستقلة، تعبر عن واقع العلاقة المتميزة بين الشعبين الشقيقين وبإرادتهما الحرة، وتكون نموذجا متقدما قابلا للدوام.
ثامن عشر: كان الأردن على الدوام وسيبقى جزءا فاعلا من أمته العربية، ورافدا أساسيا من روافد العمل العربي، يسعى باستمرار لتحقيق الوفاق والاتفاق، وقيام علاقات من التعاون البناء بين جميع الدول الشقيقة، وتجاوز جميع أسباب الخلاف والاختلاف، انطلاقا من وحدة الهدف والمصير المشترك.
إننا نؤكد على أن تكون علاقاتنا مع جميع الأشقاء قائمة على المودة والثقة والتعاون والاحترام المتبادل، وعلى الحكومة أن تواصل التحاور مع جميع الدول العربية، دون استثناء، والارتقاء بتلك العلاقات إلى صفائها المعهود، ولنا من مواقف الأشقاء المشكورة في وداع مليكنا الراحل مرتكز يجب البناء عليه وتطويره، وستبقى ثوابتنا المصلحة العربية العليا والحرص على السيادة وعدم التدخل في شؤون الآخرين في الوقت الذي نحرص فيه على عدم التدخل في شؤوننا، وسنواصل العمل، شاننا دائما، لرفع المعاناة والحصار عن شعبنا العربي في العراق وليبيا والسودان، ونقف بصلابة إلى جانب إخواننا في سوريا ولبنان لاستعادة جميع أراضيهما المحتلة.
تاسع عشر: يتمتع الأردن برصيد كبير من الاحترام والسمعة الطيبة لدى جميع دول العالم، بناه الملك الراحل العظيم بالجهد والمثابرة والمصداقية، وعبر عنه قادة العالم بأرقى الصور فيما سماه العالم جنازة القرن العشرين. لذا فإن علينا مواصلة تفعيل علاقاتنا الدولية في إطار من التعاون والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وتوضيح دور الأردن وواقعه ومسؤولياته، والمشاركة الفاعلة في المؤسسات الإقليمية والدولية.
إننا بحاجة إلى تطوير مؤسستنا الدبلوماسية، بشكل يحدد أهدافها ومهامها بوضوح ويضمن لها القيادات الكفؤة المنتمية والإدارة الفاعلة.
عشرون: إن السلام خيارنا الاستراتيجي، كما هو خيار أشقائنا العرب، والسلام الذي نريده وسعينا إليه هو السلام العادل الدائم، الذي يشمل جميع المسارات، ويقوم على الحق والعدل ويستند إلى الشرعية والمواثيق الدولية.
إننا نؤمن بالسلام سبيلا للأمن والاستقرار والتنمية، وسنبقى نصر على مسيرته، جازمين بأن إرادة الشعوب وإصرارها على السلام سوف تنتصر في النهاية على سائر العقبات والعراقيل حتى يعم المنطقة بأسرها ويتيح لها مجالات التقدم والازدهار.
إننا إذ نؤكد على الالتزام بتوجيهاتنا وترجمتها بواقعية، لنعبر لكم عن كامل الثقة والدعم، منتظرين تنسيبكم بأسماء زملائكم الوزراء، راجين لكم التوفيق والنجاح، داعين المولى أن يسدد على طريق الخير خطانا وأن يلهمنا سبل الرشاد، عزيزنا
أخوكم
عبدالله الثاني ابن الحسين