كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني قبيل اللقاء الذي استضافه باراك أوباما عشية انطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
بسم الله الرحمن الرحيم
الرئيس أوباما،
أصحاب الفخامة والسعادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
صعبة هي المهمة التي نتصدى لها. فقد مرت عقود لم يتم خلالها التوصل إلى سلام فلسطيني إسرائيلي. وكانت النتيجة أن استمرت معاناة ملايين الرجال والنساء والأطفال، وأن فقد الكثيرون الثقة بقدرتنا على تحقيق السلام الذي تنشده الشعوب. وفي الأثناء، استغل المتطرفون والإرهابيون مشاعر الإحباط لبث الكراهية وإشعال الحروب. وتورط العالم في صراعات إقليمية لا يمكن التعامل معها بفاعلية من دون تحقيق السلام العربي الإسرائيلي. وهذا ماض يؤكد أهمية الجهد الذي نقوم به اليوم.
وهنالك، بين الطرفين، أولئك الذين يريدون أن نفشل، والذين يعملون كل ما في وسعهم لإعاقة الجهود التي نبذلها اليوم، ذلك أنه عندما يتوصل الفلسطينيون والإسرائيليون إلى السلام، وعندما يتمكن الجيل الشاب من التطلع إلى مستقبل مشرق ومليء بفرص الإنجاز، يفقد المتطرفون والمتشددون قدرتهم على التأثير.
من أجل ذلك، يجب أن ننجح اليوم، لأن فشلنا سيعني نجاحهم في إغراق المنطقة في المزيد من الحروب وعدم الاستقرار، ما سيزيد من المعاناة في المنطقة وخارجها.
الرئيس أوباما،
نثمن إلتزامكم بتحقيق السلام في منطقتنا، ونعول على استمرار جهودكم لمساعدة الأطراف على التقدم إلى الأمام. وكنت قد قلت إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط جزء من الأمن القومي الأمريكي. وذلك صحيح. وهو أيضا مصلحة أوروبية، وركيزة للأمن والاستقرار الدولي.
والسلام حق لكل مواطن في منطقتنا. وتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين هو شرط تحقيق الأمن والاستقرار لجميع الدول في الشرق الأوسط، ذلك أنه مدخل السلام الإقليمي، الذي سيؤدي إلى علاقات طبيعية بين إسرائيل و57 دولة عربية ومسلمة تؤيد مبادرة السلام العربية. والوصول إلى هذا السلام سيكون أيضا خطوة فاعلة لتحييد قوى الشر والعنف، التي تهدد شعوبنا.
السيد الرئيس، المنطقة تحتاج إلى مساندتكم كوسيط نزيه وكشريك لمساعدة الطرفين وهما يسيران على الطريق الصعب، ولكن الذي لا بديل له لتحقيق السلام.
أصحاب الفخامة والسعادة،
كل الأنظار علينا اليوم. وبالتالي فإنه يجب أن تحقق المفاوضات المباشرة، التي ستبدأ غدا، نتائج إيجابية وبأسرع وقت ممكن. فالوقت ليس بصالحنا. ويجب أن نبذل كل جهد ممكن من أجل معالجة جميع قضايا الوضع النهائي بهدف التوصل إلى حل الدولتين، الحل الوحيد الذي يضمن حقوق الطرفين، والحل الوحيد الذي سيوجد المستقبل الذي تستحقه منطقتنا، مستقبل يضمن السلام الذي يتيح لكل أب أن يربي أطفاله من دون خوف، ويوفر لجيل الشباب فرصة التقدم والإنجاز، ويسمح بتعاون 300 مليون شخص من أجل تحقيق الفوائد المشتركة.
ولزمن أطول مما يحتمل، حرم الكثيرون في المنطقة من حقهم الإنساني الأساسي في العيش بسلام وأمن وكرامة وحرية، وسيكون الثمن غاليا جدا على الجميع إذا ما خيبت الآمال مرة أخرى. فشعوبنا تريدنا أن نلبي تطلعاتهم. ونحن قادرون على فعل ذلك، إذا ما تم التعامل مع المفاوضات بحسن نية، وجدية وشجاعة.