كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في الجلسة الختامية للمنتدى الاقتصادي العالمي
سعادة البروفسور شواب
أصحاب السعادة
يبدأ كل تغيير برؤيا وقرار بالعمل، لكن كل تغيير يحتاج إلى أوقات استثنائية وأشخاص متميزين. كانت الأيام الثلاثة الماضية استثنائية حقاً إذ شهدت طرح عملية تحويل أفكار الرواد والقادة الى عمل يحقق الفائدة لمنطقتنا ولعالمنا. يسعى الرجال والنساء المجتمعين هنا دون كلل لتحقيق رؤيتهم، انهم ببساطة أناس لا يقبلون قول لا، ولا يكلون من العمل حتى يتمكنوا من نشر أفكارهم إلى أبعد مكان ممكن. هذه هي الرؤيا التي باستطاعتها تغيير الأنماط السلوكية والمفاهيم. هذه هي القيادة القادرة على إحداث التغيير.
ان التحدي الحقيقي الذي أعددنا أنفسنا لمواجهته في هذا الاجتماع هو حشد التصميم والإرادة التي نحتاجها للتصدي لقضيتنا الملحة فلسطين وايجاد حل لمستقبل العراق والنضال من أجل استعادة إنسانيتنا وقيمنا وبراءتنا.
تمكنا في الأيام القليلة الماضية من تحديد اهتمامات وقدرات ومعتقدات مختلفة لتحقيق تغييرات ذات مغزى، وضرورية لهذه المنطقة. واتفقنا جميعاً على أن التغير ضرورة ملحة.
ونحن مدركون لمشكلة الفقر، وضعف الأنظمة التعليمية ولاستمرار العنف في المنطقة. لذا استخلصنا ضرورة أن تحظى اهتمامات المجتمع بعيدة الأمد بالأولوية على اعتبارات السياسيين قصيرة الأمد. يجب أن يوجّه السلام، والاستقرار والازدهار كافة جهودنا في الإصلاح، وفي التغير الإيجابي.
علينا كذلك وضع معايير وشواهد على طول الطريق لقياس مدى النجاح، وتقييم الإخفاقات، والأهم، ان نحسب كلفة الفرص التي فقدت. هذا هو برنامج العمل الذي سيضعه في الأشهر القليلة القادمة مجموعة من الأعضاء البارزين في المجتمع المدني العربي والحكومات الذين التقوا هنا للبدء في تحديد رؤيا عام 2010 وسيضع البرنامج خطوات عملية وسياسات واضحة من الواجب تطبيقها لإحداث تغيير إيجابي. كما وسيبني البرنامج على المبادرات الحالية، ويوفر اثر ملموس تفهمه وتقدره شعوب المنطقة.
يبقى الدافع الأساسي للعمل دائما هو النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتحدي الحقيقي الكامن هنا هو الإيمان بقدرتنا على حل هذه المشكلة. ورغم ان هذا الامر بات مشكوكاً فيه في الأشهر الأخيرة .الانه يجب علينا استعادة إيماننا بقدرتنا على التمسك بالرؤيا مهما كثرت قوى العرقلة المحيطة بنا. علينا تحقيق العدالة للفلسطينيين. ومنح الأمن للإسرائيليين. علينا العمل من أجل التغيير.
أصدقائي
تتمثل الحاجة الملحة للإصلاح في مطالب الشباب العربي الذي يتمتع اليوم بمزيد من الحرية، والوقت المتاح، والتحرك الاجتماعي، وبالثقة على مواجهة تحدي المستقبل الحقيقي. لم يعد بمقدورنا حرمان الأجيال الشابة من تلبية توقعاتها من المعرفة والحرية، ولم يعد بمقدورنا حجب الحقوق بسبب التفرقة بين الجنسين. ولم يعد بمقدورنا أيضاً منع قدسية حرية التعبير عن أولئك الذين تساهم أفكارهم في تقوية ثقافتنا السياسية والاجتماعية.
تتنامى القدرة على إحداث التغيير في المجتمعات بمرور الزمن، إذ تؤدي جهود تدريجية ضيقة النطاق إلى أخرى أوسع منها. لكن هذه العملية بحاجة إلى بداية، وإلى تذوق طعم النجاح الأمر الذي سيساعد الناس على الاعتقاد بإمكانية صنع عالم أفضل وأكثر أمناً. في هذه المنطقة، إذا شئنا البدء بهذا التغير الإيجابي، علينا الالتفات والاهتمام بشبابنا، بمستقبلنا. انهم سيقررون شكل المستقبل. إنهم مواطنو الإنسانية العالمية.
أولئك الذين يعملون بوحي من هذا الإيمان سينشرونه بين الآخرين ... يجب أن تسمع قصصهم.
أشكركم جزيل الشكر،،