كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني في لقاء ناشطي السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم جميعاً. ويشرفني أن أنضم إليكم في هذا اليوم. اسمحوا لي أن أوجه تحية تقدير خاصة لدولة الدكتور عبدالسلام المجالي لتنظيم هذا الاجتماع.
أصدقائي،
إن تجمّعكم هذا هو أحد تلك التجمعات التي لا أجد نفسي مضطراً فيها للتحدث عن مدى الإلحاح في مسألة تحقيق سلام شامل ودائم وعادل. أعتقد أنكم تعرفون الفرصة الهائلة المتاحة لنا الآن بالاضافة الى الاخطار التي قد تنشأ عن الاحداث الجارية في غزة.
ولكنني أود أن أقول كلمات قليلة عن دوركم الهام في هذه اللحظة التاريخية. إن عام 2007 هو مِفْصَلٌ لاتخاذ قرار. فالدول العربية تقف متحدةً وراء مبادرة السلام العربية. وهناك إرادة دولية جديدة لحلّ الأزمة. والعملية تَحْظى بانتباه جديد من القيادات في الجانبين. والقضايا عادت ثانية إلى الصفحة الأولى، بدلاً عن اقتصار بحثها في أعمدة الرأي في الصحف.
إن التحدّي الآن هو أن نمضي بالعملية قُدُماً، وأن نبني الزخم لتحقيق نتائج حقيقية - وأن نقوم بهذا الآن، والفرصة ما زالت متاحة. وإذا ما تركنا الأحداث تنزلق من بين أيدينا، فسنظل ننظر إلى سنوات مِلْؤُها المزيد من العنف والدمار، قبل أن تلوح لنا فرصة أخرى كهذه الفرصة التي أمامنا. إننا بحاجة إلى أن ننهض إلى العمل بشجاعة ورؤية وتصميم.
إن أفضل قوّة لتحقيق هذا تتمثّل في الناس في أرجاء مجتمعاتنا، الذين يريدون السلام ويحتاجون إليه. فاستطلاعات الرأي العام تشهد، مرّة بعد مرّة، أن الناس في كلا الجانبين يريدون تسوية يتم التوصّل إليها بالتفاوض، ويريدون أن يروا نهاية للأزمات والدمار، ويريدون أن ينعموا بالفرص التي يتيحها السلام، وبمزاياه. والحاجة إليكم قائمة، لتعطوا جميع هؤلاء الناس صوتاً، ونشر رسالتهم في ارجاء العالم.
إن الجماهير التي اختارت السلام تحتاج إلى أن تُشرِكَ في هذه العملية كل أب، وكل أم، ملأت قلبيهما الخشيةُ يوماً ما على طفلهما. ويجب على جماهير السلام هذه أن تمكّن كل جيل، وخاصة جيل الشباب لدينا، من استعادة مُسْتقبلهم من عوامل الفُرْقة والعنف التي شهدها الماضي ومن العنف الذي يتبدى اليوم.
كما أن الحاجة قائمة أيضاً إلى قيادتكم لمساعدة الناس في خلق رؤية جديدة ذات مصداقية لمنطقتنا. ذلك أن أعداداً كبيرة من الناس تعرف ما معنى الشعور بالغضب والأسى والحزن. ساعدوهم على أن يتذكروا القاعدة الصلبة التي يقف عليها السلام الناجح المتمثلة بالأمل، والتمكين من بلوغ الغايات، والحسّ بالفرص الجديدة المتاحة.
وأخيراً، فإن الحاجة إلى قيادتكم قائمة كي تبدأوا في إيجاد ذلك الواقع الآن. انني قلق مثلكم جميعا ازاء احداث العنف في غزة التي يجب ان تتوقف لمصلحة الشعب الفلسطيني ولمصلحة فلسطين.
قبل ثلاثة عشر عاماً، أعلنها والدي المغفور له جلالة الملك الحسين مدوّيةً: " لا لمزيد من الموت؛ لا لمزيد من البؤس؛ لا توجّس بعد اليوم، ولا خوف؛ ولا مكان للشكّ في ما يحمله كل يوم لنا".
إننا لم نصل إلى تحقيق تلك الرؤية بعد، ولكننا قادرون على ذلك. والتاريخ يُبيّن أن أُناساً مثلكم سيُحْدثون الفرق. إن العملَ الشعبي البعيد عن العنف كان وراء التحوّل في أرجاء العالم. فقد أزال الجدار الذي كان يقسم أوروبا إلى شطرين، وأنهى الفصل العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأنا أعلم أننا نستطيع أيضاً، بمساعدتكم وقف العنف وتحقيق عَهْد جديد أكثر عدلاً. ويمكن لهذه الأرض أن تخرج من موسم الأزمات. وأحثّكم على أن تتسلموا زمام قيادة هذه المسيرة.
وشكرا لكم جزيلا.